بالصلاح؛ ولكن بدرت منه هذه البادرة النادرة؛ ونعلم، أو يغلب على ظننا أنا إذا عفونا عنه استقام، وصلحت حاله، فالعفو أفضل لا سيما إن كان له ذرية ضعفاء، ونحو ذلك؛ وإذا علمنا أن القاتل معروف بالشر، والفساد، وإن عفونا عنه لا يزيده إلا فساداً، وإفساداً فترك العفو عنه أولى؛ بل قد يجب ترك العفو عنه.
١٤ ــ ومن فوائد الآية: أنه إذا عفا بعض الأولياء عن القصاص سقط القصاص في حق الجميع؛ لقوله تعالى:{فمن عفي له من أخيه شيء}؛ وهي نكرة تعم القليل، والكثير؛ لأنها في سياق الشرط؛ وعلى هذا فلو كان لأحد ورثة المقتول جزء من ألف جزء من التركة، ثم عفا عن القصاص انسحب العفو على الجميع؛ لأن الجزء الذي عفا عنه لا قصاص فيه؛ والقصاص لا يتبعض؛ إذ لا يمكن قتل القاتل إلا جزءاً من ألف جزء منه.
١٥ ــ ومنها: أن دية العمد على القاتل؛ لقوله تعالى:{فمن عفي له من أخيه شيء}؛ ولا شك أن المعفو عنه هو القاتل؛ وقد أمر بالأداء.
١٦ ــ ومنها: أن فاعل الكبيرة لا يخرج من الإيمان؛ لقوله تعالى:{فمن عفي له من أخيه شيء}؛ فجعل الله المقتول أخاً للقاتل؛ ولو خرج من الإيمان لم يكن أخاً له.
١٧ ــ ومنها: الرد على طائفتين مبتدعتين؛ وهما الخوارج، والمعتزلة؛ لأنهم يقولون: إن فاعل الكبيرة خارج من الإيمان؛ لكن الخوارج يصرحون بكفره؛ والمعتزلة يقولون: إنه في منزلة بين المنزلتين: الإيمان، والكفر ــ فلا هو كافر؛ ولا هو بمؤمن؛