للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٢ ــ ومنها: أن من عجز عن الصيام عجزاً لا يرجى زواله فإنه يطعم عن كل يوم مسكيناً؛ ووجه الدلالة أن الله سبحانه وتعالى جعل الإطعام عديلاً للصيام حين التخيير بينهما؛ فإذا تعذر الصيام وجب عديله؛ ولهذا ذكر ابن عباس رضي الله عنهما أن هذه الآية في الشيخ الكبير، والمرأة الكبيرة لا يطيقان الصيام، فيطعمان عن كل يوم مسكيناً (١).

١٣ ــ ومنها: أنه يرجع في الإطعام في كيفيته ونوعه إلى العرف؛ لأن الله تعالى أطلق ذلك؛ والحكم المطلق إذا لم يكن له حقيقة شرعية يرجع فيه إلى العرف.

١٤ ــ ومنها: أنه لا فرق بين أن يملّك الفقير ما يطعمه، أو يجعله غداءً، أو عشاءً؛ لأن الكل إطعام؛ وكان أنس بن مالك حين كبر يطعم أدُماً، وخبزاً (٢).

١٥ ــ ومنها: أن ظاهر الآية لا يشترط تمليك الفقير ما يطعم؛ وهو القول الراجح؛ وقال بعض أهل العلم: إنه يشترط تمليكه؛ فيعطى مداً من البر؛ أو نصف صاع من غيره؛ وقيل: يعطى نصف صاع من البر، وغيره؛ واستدل القائلون بالفرق بين البر وغيره بما قاله معاوية في زكاة الفطر: «أرى المد من هذه - يعني البر - يعدل مدين من الشعير» (٣) فعدل به الناس، وجعلوا


(١) أخرجه البخاري ص ٣٦٩، كتاب التفسير، باب ٢٤: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام ... )، حديث رقم ٤٥٠٥.
(٢) ذكره البخاري معلقاً بصيغة الجزم ص ٣٦٩، كتاب التفسير، باب ٢٦: قوله تعالى: (أياماً معدودات فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر ... ).
(٣) راجع البخاري ص ١١٩، كتاب الزكاة، باب ٧٥: صاع من زبيب، حديث رقم ١٥٠٨؛ ومسلماً ص ٨٣٣، كتاب الزكاة، باب ٤: زكاة الفطر على المسلمين من التمر والشعير، حديث رقم ٢٢٨٥ [١٩] ٩٨٥، واللفظ للبخاري.