للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصار جبريل يأخذه من هذا البيت، فينزل به على رسول الله صلى الله عليه وسلم (١)؛ لكن هذا الأثر ضعيف؛ ولهذا الصحيح أن «أل» هنا للجنس؛ وليست للعموم؛ وأن معنى: {أنزل فيه القرآن} أي ابتدئ فيه إنزاله، كقوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة} [الدخان: ٣]، وقوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر} [القدر: ١] أي ابتدأنا إنزاله.

قوله تعالى: {هدًى للناس}؛ {هدًى}: مفعول من أجله؛ أو حال من {القرآن}؛ فإذا كانت مفعولاً من أجله فالمعنى: أنزل لهداية الناس؛ وإذا كانت حالاً فالمعنى: أنزل هادياً للناس ــ وهذا أقرب؛ و {هدًى} من الهداية؛ وهي الدلالة؛ فالقرآن دلالة للناس يستدلون به على ما ينفعهم في دينهم، ودنياهم؛ و {للناس} أصلها الأناس؛ ومنه قول الشاعر:

[وكل أناس سوف تدخل بينهم - دويهية تصفر منها الأنامل] لكن لكثرة استعمالها حذفت الهمزة تخفيفاً، كما حذفت من «خير» و «شر» اسمي تفضيل؛ والمراد بهم البشر؛ لأن بعضهم يأنس ببعض، ويستعين به؛ فقوله تعالى: {هدًى للناس} أي كل الناس يهتدون به ــ المؤمن، والكافر ــ الهداية العلمية؛ أما الهداية العملية فإنه هدًى للمتقين، كما في أول السورة؛ فهو للمتقين هداية علمية، وعملية؛ وللناس عموماً فهو هداية علمية.

قوله تعالى: {وبينات} صفة لموصوف محذوف؛ والتقدير: وآيات بينات، كما قال تعالى: {بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم} [العنكبوت: ٤٩]؛ والمعنى: أن القرآن اشتمل


(١) أخرجه الحاكم ٢/ ٥٣٠، والبيهقي في دلائل النبوة ٧/ ٣١ والأسماء والصفات ٣٠٣.