للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليك وليس به بينة؛ ثم تخاصمه عند القاضي، فيقول القاضي للمدعي عليك: «هاتِ بينة»؛ وإذا لم يكن للمدعي بينة توجهت عليك اليمين؛ فإذا حلفت برئت؛ فهنا توصلت إلى جحد مال غيرك بالمحاكمة؛ هذا أحد القولين في الآية؛ والقول الثاني: أن معنى: {تدلوا بها إلى الحكام} أي توصلوها إليهم بالرشوة ليحكموا لكم؛ وكلا القولين صحيح.

قوله تعالى: {لتأكلوا}؛ قد يقول قائل: إن فيها إشكالاً؛ لأنه تعالى قال: {ولا تأكلوا}، ثم قال تعالى: {لتأكلوا} كيف يعلل الحكم بنفس الحكم؟ فنقول: إن اللام هنا ليست للتعليل؛ اللام هنا للعاقبة ــ يعني أنكم إذا فعلتم ذلك وقعتم في الأكل ــ أكل فريق من أموال الناس ــ؛ وتأتي اللام للعاقبة، كما في قوله تعالى: {فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدواً وحزناً} [القصص: ٨]: فآل فرعون لم يلتقطوه لهذا الغرض؛ ولكن كانت هذه العاقبة.

قوله تعالى: {فريقاً من أموال الناس}؛ الفريق بمعنى الطائفة؛ وسمي فريقاً؛ لأنه يُفْرَق عن غيره؛ فهذا فريق من الناس ــ يعني طائفة منهم افترقت، وانفصلت ــ؛ لو قال قائل: قد يأكل كل مال المدعى عليه لا فريقاً منه؟ فالجواب من وجهين:

الأول: أنه لو أكل جميع مال المدعى عليه لم يأكل جميع أموال الناس؛ لأن مال المدعى عليه فريق من أموال الناس.

الثاني: أنه إذا كان النهي عن أكل فريق من أموال المدعى عليه فهو تنبيه بالأدنى على الأعلى.

قوله تعالى: {بالإثم}؛ الباء للمصاحبة؛ يعني أكلاً