للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الهدي}، حيث أوجب الهدي عند الإحصار؛ أما غيرهما من العبادات فإن النفل لا يجب إتمامه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أهله ذات يوم فقال: «هل عندكم شيء؟ قالوا: نعم، حيس؛ قال: أرينيه؛ فلقد أصبحت صائماً؛ فأكل» (١)؛ لكن يكره قطع النفل إلا لغرض صحيح - كحاجة إلى قطعه، أو انتقال لما هو أفضل منه -.

٧ - ومن فوائد الآية: أنه إذا أحصر الإنسان عن إتمام الحج والعمرة فله أن يتحلل؛ ولكن عليه الهدي؛ لقوله تعالى: {فإن أحصرتم فما استيسر من الهدى}.

٨ - ومنها: أن الله تعالى أطلق الإحصار، ولم يقيده؛ لقوله تعالى: {فإن أحصرتم}؛ لأن الفعل لو بُني للفاعل، وذُكر الفاعل اختص الحكم به؛ فإذا قلت مثلاً: «أقام زيد عمراً» صار المقيم زيداً؛ وإذا قلت: «أقيم عمرٌو» صار عاماً؛ فظاهر الآية شمول الإحصار لكل مانع من إتمام النسك؛ فكل ما يمنع من إتمام النسك فإنه يجوز التحلل به، وعليه الهدي؛ أما الإحصار بالعدو فأظنه محل إجماع فيتحلل بالنص، والإجماع؛ النص: تحلل الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديبية (٢)؛ والإجماع: لا نعلم في هذا مخالفاً؛ وأما الحصر بغير عدو، كمرض، أو كسر، أو ضياع نفقة، أو ما أشبه ذلك مما لا يستطيع معه إتمام الحج، والعمرة؛ فإن العلماء اختلفوا في ذلك؛ فمنهم من قال: إنه لا يتحلل، ويبقى محرماً


(١) أخرجه مسلم ص ٨٦٢، كتاب الصيام، باب ٣٢ جواز صوم النافلة ... ، حديث رقم ٢٧١٥ [١٧٠] ١١٥٤.
(٢) أخرجه البخاري ص ٢١٧ - ٢١٩، كتاب الشروط، باب ١٥: الشروط في الجهاد، والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط، حديث رقم ٢٧٣١، ٢٧٣٢.