للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى يزول المانع؛ ومنهم من قال: إنه يتحلل، كالحصر بالعدو؛ حجة الأولين: أن الله تعالى قال: {فإن أحصرتم}؛ والآية نزلت في شأن قضية الحديبية؛ وهم قد أحصروا بعدو؛ فيكون الحصر هنا خاصاً بالعدو؛ ودليل آخر: يقولون: ضباعة بنت الزبير لما جاءت تشتكي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أنها مريضة، وأنها تريد الحج قال لها: «حجي واشترطي» (١)؛

فلو كان الإحصار بالمرض مبيحاً للتحلل ما احتيج إلى اشتراط؛ فكانت تدخل في النسك، وإذا عجزت تحللت؛ وأجاب القائلون بأن الحصر عام بحصر العدو وغيره بأن الآية مطلقة: {فإن أحصرتم}؛ لم تقيد بحصر العدو؛ والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب؛ لأن العلة في جواز التحلل بحصر العدو عدم القدرة على إتمام النسك؛ وهذا حاصل بالحصر بغير العدو؛ والشرع لا يفرق بين متماثلين؛ وأجابوا عن حديث ضباعة بأن يقال: إن الفائدة من حديث ضباعة أنه إذا حصل مرض يمنع من إتمام النسك فإنها تتحلل بلا شيء؛ وأما إذا لم تشترط فإنها لا تتحلل إلا بدم؛ وحينئذ تظهر فائدة اشتراط من خاف أن يعوقه مرض، أو نحوه عن إتمام النسك؛ والفائدة هي أنه لا يجب عليه الهدي لو تحلل بهذا الحصر؛ والصواب القول الثاني: أن الإحصار يكون بالعدو، وبغيره.


(١) أخرجه البخاري ص ٤٤٠، كتاب النكاح، باب ١٦: الأكفاء في الدين وقوله تعالى: (وهو الذي خلق من الماء بشر فجعله نسباً وصهراً)، حديث رقم ٥٠٨٩، وأخرجه مسلم ص ٨٧٦، كتاب الحج، باب ١٥: جواز اشتراط المحرم التحلل بعذر المرض ونحوه، حديث رقم ٢٩٠٢ [١٠٤] ١٢٠٧ ..