للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفدية لا تجب إلا بما يماط به الأذى فقط؛ لكنه غير صحيح من كون التحريم يتعلق بما يماط به الأذى فقط؛ فالتحريم يتعلق بما يسمى حلقاً؛ والفدية تتعلق بما يماط به الأذى.

فإن قال قائل: ما هو دليلكم على هذا التقسيم؛ فالعلماء لم يقولوا هذا الكلام؟

فالجواب: أن نقول: دليلنا على هذا التقسيم الآية الكريمة، وفعل النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقوله تعالى: {ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله}؛ هذا عام لكل حلق؛ فكل ما يسمى حلقاً فإنه منهي عنه لهذه الآية؛ ثم قال تعالى: {فمن كان منكم مريضاً أو به أذًى من رأسه ففدية}؛ فأوجب الفدية فيما إذا حلق حلقاً يزول به الأذى؛ لقوله تعالى: {أو به أذًى}؛ فلو قدرنا محرِماً رأسه تؤذيه الهوام، فحلق منه شيئاً يسيراً لا يزول به الأذى فلا فدية عليه؛ لأن الله تعالى إنما أوجب الفدية بحلق ما يزول به الأذى؛ ويدل لذلك فعل الرسول صلى الله عليه وسلم: فقد احتجم وهو محرم في يافوخه في أعلى رأسه (١)؛ ومعلوم أن الحجامة تحتاج إلى حلق الشعر الذي يكون في موضع الحجامة؛ ولم ينقل أن الرسول صلى الله عليه وسلم افتدى؛ فدل ذلك على أن ما تتعلق به الفدية هو ما يماط به الأذى دون الشيء اليسير.

١٧ ــ ومن فوائد الآية: أنه لا يجوز الحلق إلا بعد النحر؛ لقوله تعالى: {حتى يبلغ الهدي محله}؛ وإلى هذا ذهب كثير من


(١) أخرجه البخاري ص ١٤٤، كتاب جزاء الصيد، باب ١١: الحجامة للمحرم، حديث رقم ١٨٣٦، وأخرجه مسلم ص ٨٧٥، كتاب الحج، باب ١١: جواز الحجامة للمحرم، حديث رقم ٢٨٨٦ [٨٨] ١٢٠٣.