للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تبتغوا الرزق، وتطلبوه بالتجارة؛ كقوله تعالى: {وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله} [المزمل: ٢٠].

قوله تعالى: {فإذا أفضتم من عرفات}؛ أصل الإفاضة الاندفاع؛ ومنه إفاضة الماء؛ ومنه الإفاضة في الكلام، والاستمرار فيه؛ ومعنى {أفضتم}: دفعتم؛ والتعبير بـ {أفضتم} يصور لك هذا المشهد كأن الناس أودية تندفع؛ و {عرفات} على صيغ الجمع؛ وهي اسم لمكان واحد؛ وهو معروف؛ وسمي عرفات لعدة مناسبات:

قيل: لأن الناس يعترفون هناك بذنوبهم، ويسألون الله أن يغفرها لهم.

وقيل: لأن الناس يتعارفون بينهم؛ إذ إنه مكان واحد يجتمعون فيه في النهار؛ فيعرف بعضهم بعضاً.

وقيل: لأن جبريل لما علَّم آدم المناسك، ووصل إلى هذا قال: عرفت.

وقيل: لأن آدم لما أهبط إلى الأرض هو وزوجته تعارفا في هذا المكان.

وقيل: لأنها مرتفعة على غيرها؛ والشيء المرتفع يسمى عُرْفاً؛ ومنه: أهل الأعراف، كما قال تعالى: {ونادى أصحاب الأعراف رجالاً} [الأعراف: ٤٨]؛ ومنه: عُرْف الديك؛ لأنه مرتفع؛ وكل شيء مرتفع يسمى بهذا الاسم.

وعندي - والله أعلم - أن هذا القول الأخير أقرب الأقوال؛ وكذلك الأول: أنه سمي عرفات؛ لأن الناس يعترفون فيه لله تعالى بالذنوب؛ ولأنه أعرف الأماكن التي حوله.