وقوله تعالى:{من يشري نفسه} أي يبيعها؛ لأن «شرى» بمعنى باع، كقوله تعالى:{وشروه بثمن بخس}[يوسف: ٢٠] أي باعوه بثمن بخس؛ أما «اشترى» فهي بمعنى ابتاع؛ فإذا جاءت التاء فهي للمشتري الآخذ؛ وإذا حذفت التاء فهي للبائع المعطي؛ و {نفسه} يعني ذاته.
قوله تعالى:{ابتغاء مرضات الله} أي طلباً لمرضات الله؛ فهي مفعول لأجله؛ و {مرضات الله} أي رضوانه أي يبيع نفسه في طلب رضا الله عزّ وجلّ -؛ فيكون قد باع نفسه مخلصاً لله في هذا البيع.
قوله تعالى:{والله رؤوف} أي ذو رأفة؛ و «الرأفة» قال العلماء: هي أرق الرحمة، وألطفها؛ و {بالعباد} أي جميعهم.
وفي قوله تعالى:{رؤوف} قراءتان؛ إحداهما: مد الهمزة على وزن فعول؛ والثانية قصرها على وزن فعُل.
الفوائد:
١ - من فوائد الآية: تقسيم الناس إلى قسمين؛ القسم الأول:{ومن الناس من يعجبك قوله}[البقرة: ٢٠٤]؛ والقسم الثاني:{ومن الناس من يشري نفسه}.
٢ - ومنها: بلاغة هذا القرآن حيث يجعل الأمور مثاني؛ إذا جاء الكلام عن شيء جاء الكلام عن ضده.
٣ - ومنها: فضل من باع نفسه لله؛ لقوله تعالى:{ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله}.