قال الله - تبارك وتعالى -: {وتمَّت كلمة ربك صدقاً وعدلًا}[الأنعام: ١١٥].
قوله تعالى:{ليحكم} الضمير يعود على الكتاب؛ أو على النبيين؛ أو على الله؛ يعني: ليحكم هو - أي الله -؛ أو ليحكم الكتاب باعتبار أنه وسيلة الحكم؛ أو ليحكم النبي باعتبار أنه الذي معه الكتاب؛ ولكن هنا إشكال: وهو أن {ليحكم} مفرد؛ و {النبيين} جمع؛ لكن قالوا: لما كان النبيون جمعاً؛ والجمع له أفراد، صار {ليحكم} أي كل فرد منهم.
قوله تعالى:{بين الناس فيما اختلفوا فيه}؛ فبعضهم قال: الحق كذا؛ وبعضهم قال: الحق كذا؛ خصمان لا بد بينهما من حَكَم؛ وهو ما جاءت به الرسل؛ ولهذا قال تعالى:{ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه}؛ و «ما» اسم موصول؛ واسم الموصول من ألفاظ العموم؛ فيشمل كل ما اختلف فيه الناس من الدقيق والجليل، في مسائل الدين والدنيا.
قوله تعالى:{وما اختلف فيه} أي في الكتاب؛ {إلا الذين أوتوه}، {الذين} فاعل {اختلف}؛ لأن الاستثناء مفرغ. {اوتوه} أي أعطوه؛ والمراد بهم هنا الأمم؛ {من بعد ما جاءتهم} متعلقة بقوله تعالى: {وما اختلف} أي وما اختلف فيه من بعد ما جاءتهم البينات بغياً إلا الذين أوتوه؛ أي من بعد ما جاءت هذه الأمم الذين اختلفوا؛ {البينات} أي الآيات البينات الدالة على صدق الرسل؛ وهذا كقوله تعالى:{وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة}[البينة: ٤].