قوله تعالى:{بغياً بينهم} مفعول لأجله عامله {اختلف}؛ و «البغي» هو العدوان.
قوله تعالى:{فهدى الله الذين آمنوا}: المراد بالهداية هنا: هداية التوفيق المسبوقة بهداية العلم، والإرشاد؛ لأن الجميع قد جاءتهم الرسل بالكتب، وبينت لهم؛ لكن لم يوفق منهم إلا من هداهم الله؛ و «الإيمان» في اللغة: التصديق؛ ولكنه في الشرع التصديق المستلزم للقبول، والإذعان؛ وليس مجرد التصديق إيماناً؛ إذ لو كان مجرد التصديق إيماناً لكان أبو طالب مؤمناً لأنه كان يقر بأن محمداً صلى الله عليه وسلم صادق، ويقول:
(لقد علموا أن ابننا لا مكذب لدينا ولا يُعنى بقول الأباطل) لكنه لم يَقبل، ولم يُذعن، فلم يكن مؤمناً.
قوله تعالى:{لما اختلفوا فيه} أي للذي اختلفوا فيه؛ والضمير في قوله تعالى:{اختلفوا} يعود إلى الذين أوتوا الكتاب؛ وعلى هذا فيكون قوله تعالى:{من الحق} في موضع نصب على الحال بياناً لـ «ما» التي هي اسم موصول؛ ويبين أن الجار والمجرور بيان لها أنك لو قلت:«فهدى الله الذين آمنوا للحق الذي اختلفوا فيه» يستقيم المعنى؛ ومن هنا نعرف أن {مِن} في قوله تعالى: {من الحق} ليس للتبعيض؛ ولكنها لبيان الإبهام الكائن في «ما» الموصولة؛ و {بإذنه} أي بمشيئته، وإرادته؛ ولكنه سبحانه وتعالى لا يشاء شيئاً إلا لحكمة.
قوله تعالى:{والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم}: الهداية هنا بمعنى الدلالة، والتوفيق؛ فهي شاملة للنوعين؛ وقوله