قوله تعالى:{ولا يزالون مختلفين * إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين}[هود: ١١٨، ١١٩]، وقوله تعالى:{هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن}[التغابن: ٢]؛ ولولا هذا ما قامت الدنيا؛ ولا الدين؛ ولا قام الجهاد؛ ولا قام الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر؛ ولم يمتحن الصادق من الكاذب.
١٢ - ومن فوائد الآية: أن أولئك الذين اختلفوا في الشرع كانوا قد أوتوا الكتاب؛ لقوله تعالى:{وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغياً بينهم}.
ويتفرع على هذه الفائدة أن الحجة قد قامت عليهم؛ لقوله تعالى:{إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات
١٣ - ومن فوائد الآية: كمال التوبيخ واللوم على هؤلاء ما هو ظاهر؛ لأنه كان الواجب، والأحرى بهؤلاء الذين أوتوه ألا يختلفوا فيه؛ بل يتفقوا عليه؛ لكنهم اختلفوا فيه مع تفضل الله عليهم بإيتائه؛ لقوله تعالى: {وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه}.
١٤ - ومنها: بيان ضعف ما يروى عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اختلاف أمتي رحمة»(١)؛ فالاختلاف ليس برحمة؛ ولهذا قال تعالى:{ولا يزالون مختلفين * إلا من رحم ربك}[هود: ١١٨، ١١٩]؛ نعم، دخول المختلفين تحت عفو الله رحمة إذا اجتهدوا، حيث إن الله عزّ وجلّ لم يعذب المخطئ؛ فالمختلفون تسعهم الرحمة إذا كانوا مجتهدين؛ لأن من اجتهد فأصاب فله أجران؛ ومن اجتهد فأخطأ فله أجر؛ أما أن نقول:«إن الخلاف بين الأمة رحمة» فلا.