للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٥ - ومنها: أن فعل الذين اختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات إنما كان ذلك بغياً منهم؛ لقوله تعالى: {بغياً بينهم}؛ فالذين اختلفوا في محمد صلى الله عليه وسلم من اليهود والنصارى إنما كان اختلافهم بغياً وعدواناً؛ لأنهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم؛ وكذلك الذين اختلفوا في محمد صلى الله عليه وسلم من قريش كان كفرهم بغياً وعدواناً.

١٦ - ومنها: أن كل مخالف للحق بعد ما تبين له فهو باغٍ ضال - وإن قال: أنا لا أريد البغي، ولا أريد العدوان -.

١٧ - ومنها: أنه متى تبين الحق وجب اتباعه - ولو كان قد قال بخلافه من قبل -؛ فيدور مع الحق حيث دار.

١٨ - ومنها: رحمة الله عزّ وجلّ بالمؤمنين؛ لقوله تعالى: {فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه}.

١٩ - ومنها: أن الإيمان سبب للهداية للحق.

٢٠ - ومنها: أنه كلما قوي إيمان العبد كان أقرب إلى إصابة الحق؛ لقوله تعالى: {فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا ... }؛ لأن الله علق الهداية على وصف الإيمان؛ وما علق على وصف فإنه يقوى بقوته، ويضعف بضعفه؛ ولهذا كان الصحابة أقرب إلى الحق ممن بعدهم لا في التفسير، ولا في أحكام أفعال المكلفين، ولا في العقائد أيضاً؛ لأن الهداية للحق علقت بالإيمان؛ ولا شك أن الصحابة أقوى الناس إيماناً؛ قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» (١)، ولهذا ذهب الإمام أحمد - رحمه الله - إلى أن قول


(١) أخرجه البخاري ص ٢٠٩، كتاب الشهادات، باب ٩: لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد، حديث رقم ٢٦٥٢، وأخرجه مسلم ص ١١٢٢، كتاب فضائل الصحابة، باب ٥٢: فضل الصحابة ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، حديث رقم ٦٤٧٢ [٢١٢] ٢٥٣٣.