للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣ - ومنها: أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعلم كل الأحكام؛ بل لا يعلم إلا ما علمه الله عزّ وجلّ؛ ولهذا أجاب الله عن هذا السؤال: {قل قتال فيه كبير ... }.

وينبني على هذه المسألة: هل للرسول صلى الله عليه وسلم أن يجتهد، أو لا؟ والصواب أن له أن يجتهد؛ ثم إذا اجتهد فأقره الله صار اجتهاده بمنزلة الوحي.

٤ - ومنها: أن القتال في الشهر الحرام من كبائر الذنوب؛ لقوله تعالى: {قل قتال فيه كبير}؛ وهل هذا الحكم منسوخ، أو باق؟ للعلماء في ذلك قولان؛ فذهب أكثر أهل العلم إلى أن الحكم منسوخ؛ وأن القتال في الأشهر الحرم كان محرماً، ثم نسخ؛ القول الثاني: أن الحكم باقٍ، وأن القتال في الأشهر الحرم حرام؛ دليل من قال: «إنه منسوخ» قوله تعالى: {وقاتلوا المشركين كافة} [التوبة: ٣٦]، وقوله تعالى: {يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم} [التوبة: ٧٣]، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قاتل ثقيفاً في شهر ذي القعدة (١)؛ وهو شهر حرام؛ وأن غزوة تبوك كانت في رجب (٢)؛ وهو شهر حرام؛ والذي يظهر لي أن القتال في الأشهر الحرم باقٍ على تحريمه؛ ويجاب عن أدلة القائلين بالنسخ بأن الآيات العامة كغيرها من النصوص العامة التي تخصص؛ فهي مخصصة بقوله تعالى: {قل قتال فيه كبير}؛ وأما قتال الرسول صلى الله عليه وسلم أجيب عنه بأنه ليس قتال ابتداء؛ وإنما هو قتال مدافعة؛ وقتال المدافعة لا بأس به حتى في الأشهر الحرم؛ إذا


(١) راجع: زاد المعاد ٣/ ٥٠٢.
(٢) راجع: زاد المعاد ٣/ ٥٢٦.