للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيه حدّ في الدنيا فهو كبيرة؛ وقال بعضهم: كل ذنب فيه وعيد في الآخرة فهو كبيرة؛ لكن شيخ الإسلام رحمه الله قال في بعض كلام له: إن الكبيرة كل ما رتب عليه عقوبة خاصة سواء كانت لعنة؛ أو غضباً؛ أو حداً في الدنيا؛ أو نفي إيمان؛ أو تبرؤاً منه؛ أو غير ذلك؛ فالذنب إذا قيل: لا تفعل كذا؛ أو حرم عليك كذا؛ أو ما أشبه ذلك بدون أن يجعل عقوبة خاصة بهذا الذنب فهو صغيرة؛ أما إذا رتب عليه عقوبة - أيَّ عقوبة كانت - فإنه يكون من الكبائر -؛ فالغش مثلاً كبيرة؛ لأنه رتب عليه عقوبة خاصة - وهي البراءة منه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من غش فليس مني» (١)؛ كون الإنسان لا يحب لأخيه ما يحب لنفسه كبيرة؛ لأنه رتب عليه عقوبة خاصة؛ وهي قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» (٢)؛

وكون الإنسان لا يكرم جاره كبيرة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره» (٣)؛ وعدوانه على جاره أكبر؛ ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «والله لا يؤمن، والله لا يؤمن،


(١) أخرجه مسلم ص ٦٩٥، كتاب الإيمان، باب ٤٣: قول النبي صلى الله عليه وسلم من غشنا فليس منا، حديث رقم ٢٨٤ [١٦٤] ١٠٢.
(٢) أخرجه البخاري ص ٣، كتاب الإيمان، باب ٧: من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، حديث رقم ١٣: وأخرجه مسلم ص ٦٨٨، باب ١٧: الدليل على أن من خصال الإيمان أن يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه من الخير، حديث رقم ١٧٠ [٧١] ٤٥ ..
(٣) أخرجه البخاري ص ٥٠٩، كتاب الأدب، باب ٣١: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، حديث رقم ٦٠١٩، وأخرجه مسلم ص ٦٨٨، كتاب الإيمان، باب ١٩: الحث على إكرام الجار والضيف ولزوم الصمت إلا عن الخير ... ، حديث رقم ١٧٣ [٧٤] ٤٧.