للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والله لا يؤمن، قالوا: ومن يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه» (١)؛ وهذا الضابط أقرب الضوابط في تعريف الكبيرة؛ ولكن مع هذا لا نقول: إن هذه الكبائر سواء؛ بل من الكبائر ما يقرب أن يكون من الصغائر على حسب ما رتب عليه من العقوبة؛ فقطاع الطريق مثلاً أعظم جرماً من اللصوص.

٧ - ومن فوائد الآية: أن الصد عن سبيل الله أعظم من القتال في الأشهر الحرم؛ لقوله تعالى: {وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله}؛ ويحتمل أن مجموع هذه الأفعال الأربعة أكبر عند الله من القتال؛ لا أن كل واحد منها أكبر عند الله.

٨ - ومنها: أن أعظم الذنوب أن يصد الإنسان عن الحق؛ فكل من صد عن الخير فهو صاد عن سبيل الله؛ ولكن هذا الصد يختلف باختلاف ما صد عنه؛ من صد عن الإيمان فهو أعظم شيء - مثل مشركي قريش؛ ومن صد عن شيء أقل، كمن صد عن تطوع مثلاً فإنه أخف؛ ولكن لا شك أن هذا جرم؛ فالنهي عن المعروف من صفات المنافقين.

٩ - ومنها: عظم الصد عن المسجد الحرام؛ ولذلك صور متعددة؛ فقد يكون بمنع الناس من الحج؛ ولكن لو قال وليّ الأمر: أنا لا أمنعهم؛ ولكنني أنظمهم؛ لأن الناس يقتل بعضهم


(١) أخرجه البخاري ص ٥٠٩، كتاب الأدب، باب ١٢٩: إثم من لا يأمن جاره بوائقه، حديث رقم ٦٠١٦، واللفظ له، وأخرجه مسلم بطريق أخرى ص ٦٨٨، كتاب الإيمان باب ١٨: بيان تحريم إيذاء الجار، حديث رقم ١٧٢ [٧٣] ٤٦.