بعضاً لو اجتمعوا جميعاً؛ فهل نقول: إن هذا من باب السياسة الجائزة، كمنع الرسول صلى الله عليه وسلم من لا يصلح للجهاد من الجهاد (١)؟ أو نقول: إن في هذا نظراً؟ هذه المسألة تحتاج إلى نظر بعيد؛ وهل مراعاة المصالح بالنسبة للعموم تقضي على مراعاة المصالح بالنسبة للخصوص؛ أو لا؟.
وقد يكون الصد بإلهائهم، وإشغالهم عن فعل العبادات؛ وقد يكون بتحقير العبادات في أنفسهم؛ وقد يكون بإلقاء الشبهات في قلوب الناس حتى يشكوا في دينهم، ويدَعوه.
١٠ - ومن فوائد الآية: تقديم ما يفيد العليّة؛ لقوله تعالى:{عن الشهر الحرام قتال فيه}؛ المسؤول عنه القتال في الشهر الحرام؛ لكنه قدم الشهر الحرام؛ لأنه العلة في تحريم القتال؛ ومن ذلك قوله تعالى:{ويسألونك عن المحيض قل هو أذًى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن}[البقرة: ٢٢٢]؛ فقدم العلة على الحكم لتنفر النفوس من الفعل قبل الحكم به؛ فيقع الحكم وقد تهيأت النفوس للاستعداد له، وقبوله.
١١ - ومن فوائد الآية: تفاوت الذنوب؛ لقوله تعالى:{قل قتال فيه كبير} إلى قوله تعالى: {أكبر عند الله}؛ وبتفاوت الذنوب يتفاوت الإيمان؛ لأنه كلما كان الذنب أعظم كان نقص الإيمان به أكبر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يزني الزاني حين يزني
(١) راجع البخاري ص ٢١١، كتاب الشهادات، باب ١٨: بلوغ الصبيان وشهادتهم، حديث رقم ٢٦٦٤، وأخرجه مسلم ص ١٠١٣، كتاب الإمارة، باب ٢٣: بيان سن البلوغ، حديث رقم ٤٨٣٧ [٩١] ١٨٦٨.