للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقطعت مجالس أهل الكلام، فلم أعد إليها. فقال أبو محمد بن أبي زيد: ورضى المسلمون بهذا من الفعل والقول؟ قال أبو عمر: هذا الذي شاهدت منهم، فجعل أبو محمد يتعجب من ذلك، وقال: ذهب العلماء، وذهبت حرمة الإسلام وحقوقه، وكيف يبيح المسلمون المناظرة بين المسلمين وبين الكفار؟ وهذا لا يجوز أن يفعل لأهل البدع الذين هم مسلمون ويقرون بالإسلام، وبمحمد عليه السلام، وإنما يدعى من كان على بدعة من منتحلى الإسلام إلى الرجوع إلى السنة والجماعة، فإن رجع قبل منه، وإن أبى ضربت عنقه؛ وأما الكفار فإنما يدعون إلى الإسلام، فإن قبلوا كف عنهم، وإن أبو وبذلوا الجزية في موضع يجوز قبولها كف عنهم، وقبل منهم، وأما أن يناظروا على أن لا يحتج عليهم بكتابنا، ولا بنبينا، فهذا لا يجوز؛ ف " إنا لله وإنا إليه راجعون ". وبقى أبو عمر بن سعدى بعد الأربع مائة بمدة؛ فحدثنا عنه أبو محمد عبد الله بن عثمان ابن مروان العمري، وقد رأيت أنا سماعه في بعض الكتب المصرية من أبي محمد عبد الرحمن بن عمر ابن النحاس المصري سنة تسع وأربع مائة، بخط أبي محمد بن النحاس، فدل على أنه عاد إلى مصر بعد تلك الرحلة القديمة أيام الفتن الكائنة بالمغرب.

أحمد بن محمد بن دراج أبو عمر الكاتب المعروف بالقسطلي، نسب إلى موضع هناك يعرف بقسطلة دراج، كان كاتباً من كتاب الإنشاء في أيام المنصور أبي عامر، وهو معدود في جملة العلماء والمقدمين من الشعراء، والمذكورين من البلغاء، وشعره كثير مجموع يدل على علمه؛ وله طريقة في البلاغة والرسائل، تدل على اتساعه وقوته، وأول من مدح من الملوك فالمنصور أبو عامر محمد بن أبي عامر مدبر دولة هشام المؤيد، وأول شعر مدحه به بقوله

<<  <   >  >>