لأعظم الله أجرك بذلك، وكان هو والله أيضا يؤجر، قال: فرحمته وتقطعت نفسي له، ونهضت إلى أسلم، فاستأذنت عليه، فأذن لي وتلقاني بما يجب، فقلت له: لي حاجة، قال: وما هي؟ قلت: قد علمت ما جمعك مع أحمد بن كليب من ذمام الطلب عندي، فقال: نعم، ولكن قد تعلم أنه برح بي، وشهر اسمى، وآذاني، فقلت له كل ذلك يغتفر في مثل الحال التي هو فيها، والرجل يموت، فتفضل بعيادته، فقال: والله ما أقدر على ذلك، فلا تكلفنى هذا، فقلت له: لابد، فليس عليك في ذلك شيء وإنما هي عيادة مريض، قال: ولم أزل به حتى أجاب، فقلت: فقم الآن، فقال لي: لست والله أفعل، ولكن غداً، فقلت له: ولا خلف، قال نعم: فانصرفت إلى أحمد بن كليب، وأخبرته بموعده بعد تأبيه، فسر بذلك، وارتاحت نفسه، قال: فلما كان الغد بكرت إلى أسلم وقلت له: الوعد، قال: فوجم وقال: والله لقد تحملنى على خطة صعبة علي، وما أدرى كيف أطيق ذلك؟ قال: فقلت له لابد من أن تفى بوعدك لي، قال: فأخذ رداءه ونهض معي راجلا، قال: فلما أتينا منزل أحمد بن كليب، وكان يسكن في آخر درب طويل، وتوسط الدرب، وقف واحمر وخجل، وقال لي: الساعة والله أموت، وما أستطيع أن أنقل قدمى، ولا أن أعرض هذا على نفسى، فقلت: لا تفعل، بعد أن بلغت المنزل تنصرف؟ قال: لا سبيل والله إلى ذلك ألبتة، قال: ورجع مسرعاً فاتبعته، وأخذت بردائه، فتمادى وتمزق الرداء، وبقيت قطعة منه في يدي لسرعته وإمساكى له، ومضى ولم أدركه، فرجعت ودخلت إلى أحمد بن كليب، وقد كان غلامه دخل عليه إذ رآنا من أول الدرب مبشراً، فلما رآني تغير وقال: وأين أبو الحسن؟ فأخبرته بالقصة فاستحال من وقته واختلط، وجعل يتكلم بكلام لا يعقل منه أكثر من الترجع، فاستشنعت الحال، وجعلت أترجع وقمت،