فثاب إليه ذهنه وقال لي: أبا عبد الله! قلت: نعم. قال: اسمع مني واحفظ عني، ثم أنشأ يقول:
أسلم يا راحة العليل ... رفقاً على الهائم النحيل
وصلك أشهى إلى فؤادى ... من رحمة الخالق الجليل
قال: فقلت له: اتق الله! ما هذه العظيمة، فقال لي قد كان؛ قال: فخرجت عنه، فو الله ما توسطت الدرب حتى سمعت الصراخ عليه، وقد فارق الدنيا.
قال لنا أبو محمد علي بن أحمد: وهذه قصة مشهورة عندنا، ومحمد بن الحسن ثقة ومحمد بن خطاب ثقة.
وأسلم هذا من بيت جليل، وهو صاحب الكتاب المشهور في أغاني زرياب، وكان شاعراً أديباً؛ وقد رأيت ابنه أبا الجعد.
قال أبو محمد: لقد ذكرت هذه الحكاية لأبي عبد الله محمد بن سعيد الخولاني الكاتب، فعرفها، وقال لي: لقد أخبرني الثقة أنه رأى أسلم هذا في يوم شديد المطر، لا يكاد أحد يمشى في طريق، وهو قاعد على قبر أحمد بن كليب زائراً له، وقد تحين غفلة الناس في مثل ذلك الوقت.
وقال لنا أبو محمد: وحدثني أبو محمد قاسم بن محمد القرشي، قال: كتب ابن كليب محمد إلى ابن خطاب شعراً يتغزل فيه بأسلم فعرضه ابن خطاب على أسلم، فقال: هذا ملحون وكان ابن كليب قد أسقط التنوين في لفظة في بيت من الشعر، قال: فكتب ابن خطاب بذلك إلى ابن كليب، فكتب إليه ابن كليب مسرعاً: