مقيما بالبونت عند أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن قاسم المتغلب بها، فبايعوه في شهر ربيع الأول سنة ثمان عشرة وأربع مائة، وتلقب بالمعتد بالله، وكان مولده سنة أربع وستين وثلاث مائة، وكان أسن من أخيه المرتضى بأربعة أعوام؛ وأمه أم ولد اسمها عاتب، فبقى متردداً في الثغور ثلاثة أعوام غير شهرين، ودارت هنالك فتن كثيرة، واضطراب شديد بين الرؤساء بها إلى أن اتفق أمرهم على أن يصير إلى قرطبة قصبة الملك، فصار ودخلها يوم منى ثامن ذي الحجة سنة عشرين وأربع مائة، ولم يبق إلا يسيراً حتى قامت عليه فرقة من الجند، فخلع، وجرت أمور يكثر شرحها، وانقطعت الذعوة الأموية من يومئذ فيها، واستولى على قرطبة جهور ابن محمد المذكور آنفاً، وكان من وزراء الدولة العامرية، قد يم الرياسة، موصوفاً بالدهاء والعقل، لم يدخل في أمور الفتن قبل ذلك، وكان يتصاون عنها؛ فلما خلا له الجو، وأمكنته الفرصة وثب عليها، فتولى أمرها، واستضلع بحمايتها، ولم ينتقل إلى رتبة الإمارة ظاهرا، بل دبرها تدبيراً لم يسبق إليه، وجعل نفسه ممسكا للموضع إلى أن يجئ مستحق يتفق عليه، فيسلم إليه ورتب البوابين والحشم على أبواب تلك القصور على ما كانت عليه أيام الدولة، ولم يتحول عن داره إليها، وجعل ما يرتفع من الأموال السلطانية بأيدي رجال