رتبهم لذلك، وهو المشرف عليه، وصير أهل الأسواق جنداً، وجعل أرزاقهم رؤوس أموال تكون بأيديهم محصلة عليهم يأخذون ربحها فقط ورؤس الأموال باقية محفوظة يؤخذون بها، ويراعون في الوقت بعد الوقت كيف حفظهم لها، وفرق السلاح عليهم، وأمرهم بتفرقته في الدكاكين، وفي البيوت، حتى إذا دهم أمر في ليل أو نهار، كان سلاح كل واحد معه؛ وكان يشهد الجنائز، ويعود المرضى جارياً في طريقة الصالحين، وهو مع ذلك يدبر الأمور تدبير السلاطين المتغلبين؛ وكان مأموناً وقرطبة في أيامه حريماً يأمن فيه كل خائف من غيره، إلى أن مات في صفر سنة خمس وثلاثين وأربع مائة.
وتولى أمرها بعده ابنه أبو الوليد محمد بن جهور على هذا التدبير، إلى أن مات، فغلب عليها بعد أمور جرت هنالك، الأمير الملقب بالمأمون صاحب طليطلة، ودبرها مدة يسيرة، ومات فيها، ثم غلب عليها صاحب إشبيلية الأمير الظافر ابن عباد، فهي الآن بيده على ما بلغنا؛ وبقى هشام بن المعتد معتقلا، ثم هرب ولحق بابن هود بلاردة، فأقام هنالك إلى أن مات سنة سبع وعشرين وأربع مائة، ولا عقب له، وانقطعت دولة بني مروان جملة، إلا أن أهل إشبيلية ومن كان على رأيهم من أهل تلك البلاد، لما ضيق عليهم يحيى بن علي الحسني، وخافوا أمره، أظهروا أن هشام ابن الحكم المؤيد حي، وأنهم