فقال: والله لتخبرني. قال: أشهد أنك أخذت هذا المال من غير حقه، وجعلته في غير أهله، فوضع يده في قفا ابن أبي ذئب وجعل يقول له: أما والله لولا أنا لأخذت أبناء فارس والروم والديلم والترك بهذا المكان منك، فقال ابن أبي ذئب: قد ولى أبو بكر، وعمر فأخذا بالحق وقسما بالسوية، وأخذا بأقفاء فارس والروم. قال: فخلى أبو جعفر قفاه، وخلى سبيله وقال: والله لولا أعلم أنك صادق لقتلتك. فقال له ابن أبي ذئب: والله يا أمير المؤمنين إني لأنصح لك من ابنك المهدي.
عمر بن حفص المعروف بابن حفصون، كان من الخوارج القائمين بالأندلس بأعمال رية قبل سنة خمس وسبعين ومائتين. وكان جلداً شجاعاً أتعب السلاطين وطال أمره لأنه كان يتحصن عند الضرورة بقلعة هنالك تعرف بقلعة بشتره موصوفة بالامتناع، وقد ألفت بالأندلس في أخباره وحروبه تواريخ مختلفة، وأخبرني أبو محمد عبد الله بن سبعون القيرواني أنه من ولده ولم يكن يحفظ اتصال نسبه إليه.
عمر بن شعيب أبو حفص المعروف بالغليظ البلوطي من أعمل فحص البلوط المجاور لقرطبة ذكره أبو محمد علي بن أحمد، وقال: إنه كان من فل الربصيين، وإنه الذي غزا إقريطش وافتتحها بعد الثلاثين ومائتين، وتداولها بنوه بعده إلى أن كان آخرهم عبد العزيز بن شعيب الذي غنمها في أيامه أرمانوس بن قسطنطين ملك الروم سنة خمسين وثلاث مائة، وكان أكثر المفتتحين لها معه أهل الأندلس، هكذا قال. وذكره أبو سعيد بن يونس فقال: شعيب بن عمر بن عيسى أبو عمر صاحب جزيرة إقريطش كان تولى فتحها بعد سنة عشرين ومائتين، وقد كان كتب شعيب هذا بالعراق، وكتب عن جدي يونس بن عبد الأعلى وغيره بمصر أيضاً. هذا آخر كلام ابن يونس، فقد اختلفا في اسمه أولاً، فقال أحدهما: عمر بن شعيب، وقال الآخر: شعيب بن عمر ووصفاه