للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قرطبي، كثير الشعر، سريع القول، مشهور عند العامة والخاصة هنالك، لسلوكه في فنون من المنظوم، ونفق عند الكل حتى كان كثير من شيوخ الأدب في وقته يقولون: فتح الشعر بكندة، وختم بكندة، يعنون امرأ القيس، والمتنبي، ويوسف بن هارون، وكانا متعاصرين واستدللت على ذلك بمدحه أبا علي إسماعيل بن القاسم عند دخوله الأندلس بالقصيدة التي أنشدناها عنه الحاكم أبو بكر مصعب بن عبد الله الأزدي وأولها:

من حاكم بيني وبين عذولي ... الشجو شجو والعويل عويلي

وكان وصول أبي علي القالي إلى الأندلس سنة ثلاثين وثلاث مائة.

أخبرني أبو محمد علي بن أحمد، قال: أخبرني أبو بكر محمد بن إسحاق المهلبي عن بعض إخوانه، وأظنه أبو الوليد بن الفرضي، عن أبي عمر يوسف بن هارون، قال: خرجت يوماً غثر صلاة الجمعة، فتجاوزت نهر قرطبة متفرجاً إلى رياض بني مروان، فإذا جارية لم أر أجمل منها، فسلمت عليها، فردت، ثم حادثتها، فرأت أدباً بارعاً، فأخذت بمجامع قلبي، فقلت لها: سألتك بالله أحرة أم أمة:؟ فقالت: بل أمة. فقلت: ما اسمك بالله؟ قالت: خلوة. فلما قرب وقت صلاة العصر انصرفت، فجعلت أقفو أثرها، فلما بلغت القنطرة قالت: إما أن تتأخر، وإما أن تتقدم، فلست والله أخطو خطوة وأنت معي، فقلت لها: أهذا آخر العهد بك؟ قالت: لا. فقلت لها فمتى اللقاء؟ قالت: كل يوم جمعة في هذا الوقت في هذا المكان، قلت لها: فما تمنك إن باعك من أنت له؟ قالت: ثلاث مائة دينار. قال: فخرجت جمعة أخرى فوجدتها على العادة الأولى، فزاد كلفي بها، ورحلت إلى عبد الرحمن بن محمد التجيبي صاحب سرقسطة ومدحته بالقصيدة الميمية

<<  <   >  >>