للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المشهورة فيه، وذكرت في تشبيها خلوة، وحدثته مع ذلك بحديثي، فوصلني بثلاث مائة دينار ذهباً ثمنها، سوى مازودني عن نفقة الطريق مقبلاً وراجعا، وعدت إلى قرطبة فلزمت الرياض جمعا لا ارى لها أثراً، وقد انطبقت سمائي على أرضي، وضاق صدري إلى أن دعاني يوماً رجل من إخواني فدخلت إلى داره، وأجلسني في صدر مجلسه ثم قام لبعض شأنه، فلم أشعر إلا بالستارة المقابلة لي قد رفعت وإذا بها، فقلت خلوة؟ فقالت: نعم. قلت لأبي فلان أنت مملوكة؟ قالت: لا والله، ولكني أخته، قال: فكأن الله تعالى محاحبها من قلبي، وقمت من فوري اعتذرت إلى صاحب المنزل يعارض طرقني وانصرفت، وهذه القصدية طويلة أنشدناها أبو بكر بن الفرضى. قال: أنشدناها يوسف بن هارون لنفسه في جملة سبع قصائد له أنشدنا إياها وأولها:

قفوا تشهدوا بثي وانكار لآئمي ... على بكائي في الرسوم الطواسم

أيأمن أن يعدو حريق تنفسي ... وإلا غريقاً في الدموع السواجم

خذوا رأيه إن كان يتبع كل من ... ينوح على ألافه بالملاوم

فهذا حمام الأيك يبكي هديله ... بكائي فليفرع للوم الحمائم

وما هي إلا فرقة تبعث الأسى ... إذا نزلت بالناس أو بالبهائم

خلا ناظري من نومه بعد خلوة ... متى كان مني النوم ضربة لازم

ومن شعره:

قالوا اصطبر وهو شئ لست أعرفه ... من ليس يعرف صبراً كيف يصطبر

أوصى الخلي بأن يغضى الملاحظ عنه ... غر الوجوه قفي إهمالها غرر

وفاتن الحسنقتال الهوى نظرت ... عيني إليه فكان الموت والنظر

ثم انتصرت بعيني وهي قاتلتي ... ماذا تريد بقتلي حين تنتصر

يا شقة النفس واصلها بشقتها ... فإنما أنفس الأعداء تهتجر

<<  <   >  >>