فقال له مالك: مالك لم تخرج لتنظر الفيل وهو لا يكون في بلادك؟ فقال له: لم أرحل لأبصر الفيل، وإنما رحلت لأشاهدك وأتعلم من علمك وهديك، فأعجبه ذلك منه، وسماه عاقل الأندلس، وإليه انتهت الرياسة بالفقه في الأندلس، وبه انتشر مذهب مالك هنالك، وتفقه به جماعة لا يحصون، ورى عنه غير واحد؛ منهم ابناه عبيد الله، وإسحاق، وأبو عبد الله محمد بن وضاح، وزياد بن محمد بن زياد شبطون، وإبراهيم بن قاسم بن هلال، ومحمد بن أحمد العتبي، وإبراهيم ابن محمد بن باز، ويحيى بن حجاج، ومطرف بن عبد الرحمن، وقيل: عبد الرحيم بن إبراهيم، وعجنس بن أسباط الزيادي، وعمر بن موسى الكناني، وعبد المجيد بن عفان البلوى، وعبد الأعلى بن وهب، وعبد الرحمن بن محمد بن أبي مريم بن السعدي، وسليمان بن نصر بن منصور المري، وأصبغ بن الخليل، وإبراهيم بن شعيب، وغيرهم، وآخر من وجدت منهم موتاً ابنه عبيد الله؛ وقد اعتبرت من أوردت منهم، وكان مع إمامته ودينه مكيناً عند الأمراء معظماً، وعفيفاً عن الولايات، متنزهاً، جلت درجته عن القضاء وامتناعه منه.
سمعت الفقيه الحافظ أبا محمد علي بن أحمد يقول: " مذهبان انتشرا في بدء أمرهما بالرياسة والسلطان؛ مذهب أبي حنيفة، فإنه لما ولى قضاء القضاة أبو يوسف كانت القضاة من قبله، فكان لا يولى قضاء البلاد من أقصى المشرق إلى أقصى أعمال إفريقية إلا أصحابه والمنتمين إلى مذهبه، ومذهب مالك بن أنس عندنا فإن يحيى بن يحيى كان مسكيناً عند