وعلت مطارفهم مجاجات الندى ... فكأنما مطرت بدر مرسل
لما تحركت الحمول تناثرت من ... فوقهم في الأرض تحت الأرجل
فبكيت لو عرفوا دموعي بينها ... لكنها اختلطت بشكل مشكل
وأنشدني له أبو محمد علي بن أحمد:
لا تلمني على البكاء بدار ... أهلها صيروا السقام ضجيعي
جعلوا لي إلى الوصال سبيلا ... صم سدوا على باب الرجوع
وله:
شاهدتهم وأنا أخاف عناقهم ... شحا على أجسامهم أن تحرقا
فتركت حظي من دنوى منهم ... ومن الوفاء بأن تحب فتصدقا
وأقل فعلى يوم بانوا أنني ... قبلت آثار المطي تشوقا
ولو أن عذرة شاهدت من موقفي ... شيئاً لحذرها بأن لا تعشقا
وأنشدني له أبو محمد علي بن أحمد:
أساء إلى جفني فوآدي بناره ... ودمعي إلى خدي بطول انحداره
أيأخذ دمعي حر خدي بما جنى ... فؤادي لقد أخطا مكان انتصاره
يحيى بن يحيى بن كثير بن وسلاس، وقيل: وسلاسن أبو محمد الليثي، أصله من البربر من قبيلة يقال لها مصمودة، تولى بني ليث فنسب إليهم، رحل إلى المشرق، فسمع مالك بن أنس، وسفيان بن عيينة، والليث ابن سعد، وعبد الرحمن بن القاسم، وعبد الله بن وهب، وتفقه بالمدنيين والمصريين من أكابر أصحاب مالك بن أنس بعد انتفاعه بمالك وملازمته، وكان مالك يسميه عاقل الأندلس، وكان سبب ذلك فيما روى أنه كان في مجلس مالك مع جماعة من أصحابه، فقال قائل: قد خطر الفيل، فخرجوا ولم يخرج،