فِي نَحْو ورقتين، ثمَّ نقل عَن مُحَمَّد بن يَحْيَى الذهلي أَنه قَالَ: إِنَّه (من) أصح مَا رُوِيَ فِي التَّشَهُّد وَبِه نَأْخُذ، وَنقل عَن مُسلم بن الْحجَّاج أَنه قَالَ: إِنَّمَا اجْتمع النَّاس عَلَى تشهد ابْن مَسْعُود؛ لِأَن أَصْحَابه لَا يُخَالف بَعضهم بَعْضًا، وَغَيره قد (اخْتَلَّ) أَصْحَابه.
قلت: وَمَا رُجح (بِهِ) تشهد ابْن مَسْعُود أَيْضا أَن فِيهِ زِيَادَة وَاو الْعَطف، وَهِي تَقْتَضِي الْمُغَايرَة بَين الْمَعْطُوف والمعطوف عَلَيْهِ؛ فَيكون كل جملَة ثَنَاء مستقلًّا بِخِلَاف إِسْقَاطهَا، فَإِن مَا عدا اللَّفْظ الأول يكون صفة للْأولِ وَالْأول أبلغ.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيّ فِي «أكبر معاجمه» بِإِسْنَادِهِ، عَن ابْن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه قَالَ: مَا سَمِعت فِي التَّشَهُّد أحسن من حَدِيث ابْن مَسْعُود، وَذَلِكَ أَنه رَفعه إِلَى النَّبِي - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم -.
قلت: وَكَذَلِكَ غَيره مِمَّا عَرفته فَلَا يَصح هَذَا أَن يكون مرجحًا، وَاخْتَارَ الشَّافِعِي رَحِمَهُ اللَّهُ تشهد ابْن عَبَّاس لأوجه:
أَحدهَا: لِأَن فِيهِ زِيَادَة و «المباركات» وَلِأَنَّهَا مُوَافقَة لقَوْل الله تَعَالَى: (تَحِيَّة من عِنْد الله مباركة طيبَة) (قَالَه) أَصْحَابنَا. قَالَ الشَّافِعِي: وَهُوَ أَكثر وَأحمد لفظا من غَيره. وَفِي «صَحِيح أبي عوَانَة» بِسَنَدِهِ إِلَى الشَّافِعِي أَنه قَالَ: حَدِيث ابْن عَبَّاس أَجود مَا رُوِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute