الحَدِيث من طَرِيق صَحِيحَة، ثمَّ (من) طَرِيق ضَعِيفَة فيطلقون عدم الصِّحَّة، ويريدون مَا نقل بِالطَّرِيقِ الضَّعِيف، وَجُمْهُور الْفُقَهَاء لم يمنعوا صَلَاة التَّسْبِيح مَعَ اخْتلَافهمْ فِي الْمَنْع من تَطْوِيل الِاعْتِدَال. هَذَا آخر كَلَام الْحَافِظ - رَحِمَهُ اللَّهُ.
وَقد اسْتحبَّ هَذِه الصَّلَاة من أَصْحَابنَا القَاضِي الْحُسَيْن وَصَاحب «التَّهْذِيب» و «التَّتِمَّة» وَالرُّويَانِيّ فِي «الْبَحْر» عملا بِالْحَدِيثِ فِيهَا، وَاعْترض عَلَيْهِم النَّوَوِيّ فِي «شرح الْمُهَذّب» فَقَالَ: فِي هَذَا الِاسْتِحْبَاب نظر؛ لِأَن حَدِيثهَا ضَعِيف وفيهَا تَغْيِير لنظم الصَّلَاة الْمَعْرُوفَة، فَيَنْبَغِي أَن لَا تفعل بِغَيْر حَدِيث صَحِيح، وَلَيْسَ حَدِيثهَا (بِثَابِت) . قَالَ التِّرْمِذِيّ: لَا يَصح فِي ذَلِك كَبِير شَيْء. وَكَذَا قَالَ الْعقيلِيّ وَأَبُو بكر بن الْعَرَبِيّ: إِنَّه لَيْسَ فِيهَا حَدِيث حسن وَلَا صَحِيح، وَنقل مثل هَذِه الْمقَالة عَنْهُم فِي «خلاصته» وأقرهم، ولخص كَلَامه فِي «شرح الْمُهَذّب» وَفِي «تَحْقِيقه» فَقَالَ: قَالَ القَاضِي حُسَيْن وَالْبَغوِيّ وَالْمُتوَلِّيّ وَالرُّويَانِيّ: تسْتَحب صَلَاة التَّسْبِيح. وَعِنْدِي فِيهَا نظر؛ لِأَن فِيهَا تَغْيِير الصَّلَاة وحديثها ضَعِيف. وَقَالَ فِي «الْأَذْكَار» : قَالَ ابْن الْعَرَبِيّ: حَدِيث أبي رَافع الْمَرْوِيّ فِي صَلَاة التَّسْبِيح ضَعِيف لَيْسَ لَهُ أصل فِي الصِّحَّة وَلَا فِي الْحسن، قَالَ: وَإِنَّمَا ذكره التِّرْمِذِيّ لينبه عَلَيْهِ؛
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute