قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي «شرح الإِلمام» : جَرَى ابْن مَنْدَه عَلَى مَا اشْتهر عَن أهل الحَدِيث أَنه من لَمْ يَرْوِ عَنهُ إلاَّ وَاحِد، فَهُوَ مَجْهُول.
قَالَ: ولعلَّ من صحَّحه اعْتمد عَلَى كَون مَالك رَوَاهُ وَأخرجه، مَعَ مَا عُلِمَ من تشدُّده وتحرِّيه فِي الرِّجَال، وَأَن كل من رَوَى عَنهُ فَهُوَ ثِقَة، كَمَا صحَّ عَنهُ. ونقلناه فِي مُقَدمَات هَذَا الْكتاب.
قَالَ: فإنْ سلكت (هَذَا) الطَّرِيق فِي تَصْحِيح هَذَا الحَدِيث - أَعنِي عَلَى تَخْرِيج مَالك لَهُ - وإلاَّ فَالْقَوْل مَا (قَالَ) ابْن مَنْدَه، وَقد ترك الشَّيْخَانِ إِخْرَاجه فِي «صَحِيحَيْهِمَا» .
وَقَالَ فِي «الإِمام» : إِذا لم يعرف لحميدة وكبشة رِوَايَة إلاَّ فِي هَذَا الحَدِيث، فلعلَّ طَرِيق من صحَّحه أَن يكون اعْتمد عَلَى إِخْرَاج مَالك لروايتهما، مَعَ شهرته بالتشدُّد.
وَقَالَ شَيخنَا الْحَافِظ أَبُو الْفَتْح (ابْن سيد النَّاس) الْيَعْمرِي: بَقِيَ عَلَى ابْن مَنْدَه أَن يَقُول: (وَلم يُعْرَفْ) حَالهمَا من جارح، فكثير من رُواة الْأَحَادِيث مقبولون.
قُلْتُ: هَذَا لَا بُد مِنْهُ، (وَأَنا) أستبعد كل الْبعد توارد الْأَئِمَّة الْمُتَقَدِّمين عَلَى تَصْحِيح هَذَا الحَدِيث، مَعَ جهالتهم بِحَال حميدة وكبشة، فإنَّ الإِقدام (عَلَى التَّصْحِيح) - وَالْحَالة هَذِه - لَا يحلُّ بِإِجْمَاع الْمُسلمين، فلعلهم اطَّلَعوا عَلَى حَالهمَا، وخفي علينا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute