فقد اتّفق الْحفاظ عَلَى أَنه حَدِيث ضَعِيف، وَدَلِيل ضعفه أَن مَدَاره عَلَى الْحجَّاج بن أَرْطَاة لَا يعرف إِلَّا من جِهَته، وَالتِّرْمِذِيّ إِنَّمَا رَوَاهُ من جِهَته، وَالْحجاج ضَعِيف ومدلس بِاتِّفَاق الْحفاظ، وَقد قَالَ فِي حَدِيثه «عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر» والمدلس إِذا قَالَ فِي رِوَايَته «عَن»(فَلَا) يحْتَج بهَا بِلَا خلاف، كَمَا هُوَ مُقَرر فِي كتب أهل الحَدِيث وَأهل (الْأُصُول) وَلِأَن جُمْهُور الْعلمَاء عَلَى تَضْعِيف الْحجَّاج بِسَبَب آخر غير التَّدْلِيس (فَإِذا) كَانَ (فِيهِ سببان يمْنَع) كل وَاحِد مِنْهُمَا الِاحْتِجَاج بِهِ - وهما الضعْف والتدليس - فَكيف يكون حَدِيثا صَحِيحا، أَو حسنا! وَقد قَالَ التِّرْمِذِيّ فِيمَا تقدم عَن الشَّافِعِي أَنه قَالَ: لَيْسَ فِي الْعمرَة شَيْء ثَابت أَنَّهَا تطوع. فَالْحَاصِل من هَذَا كُله أَنه حَدِيث ضَعِيف، وَوَقع فِي «الْمُهَذّب» أَن هَذَا الحَدِيث رَفعه ابْن لَهِيعَة، وَهُوَ ضَعِيف فِيمَا يتفرد بِهِ، وَصَوَابه رَفعه الْحجَّاج بن أَرْطَاة كَمَا أوضحته فِي «تخريجي لأحاديثه» فَرَاجعه مِنْهُ، وَاعْترض عَلَى هَذِه الْعبارَة من وَجْهَيْن آخَرين كَمَا ذكرته فِيهِ.
تَنْبِيهَانِ: أَحدهمَا: هَذَا الحَدِيث قد أسلفناه من حَدِيث عبيد الله بن عمر، عَن أبي الزبير، عَن جَابر قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي «الإِمَام» : وَاعْترض عَلَيْهِ بِتَضْعِيف عبيد الله الْعمريّ المصغر. ورُويَ من طرق أُخْرَى: إِحْدَاهَا: من حَدِيث أبي صَالح الْحَنَفِيّ أَن رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - قَالَ: