إنَّما أَرَادَ بقوله: فإنْ وجدتموه فِيهِ، وإلَّا فَلَيْسَ بِحجَّة: الْأَحَادِيث الصِّحَاح الَّتِي احتوى عَلَيْهَا مُسْنده، دون الغرائب، والضعاف. يَعْنِي: أَن كل حَدِيث يُرَاد للاحتجاج بِهِ، وَالْعَمَل بِحكمِهِ، وَلَيْسَ فِي مُسْنده فَلَيْسَ بِصَحِيح، حكما مِنْهُ بأنَّه لم يبقَ حَدِيث صَحِيح خَارج «مُسْنده» ، وَهَذَا لسعة علمه بالأحاديث، وإحاطته بهَا وبطرقها، وصحاحها، وسقامها.
قَالَ: وَمن أَمْعَنَ فِي طلب الحَدِيث، واستكثر مِنْهُ، وَمن الْكتب المصنفة فِيهِ فِي أَنْوَاع علومه، وَرَآهَا مشحونة بِكَلَامِهِ، وَرَأَى اعْتِمَاد المُصَنِّفين عَلَى كَلَامه، وإحالتهم عَلَيْهِ - من عصره، وزمانه وهلم جرًّا، إِلَى حِين قَلَّ طالبو الحَدِيث، وكَسَد سوقه - عَرفَ صِحَة مَا أَشَرنَا إِلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيّ فِي «خَصَائِصه» : وَلم يخرج - أَي أَحْمد - إلَّا عَمَّن يثبت عِنْده صدقه، وديانته، دون من طُعِنَ فِي أَمَانَته، يدل عَلَى ذَلِكَ قَول ابْنه عبد الله: سَأَلت أبي عَن عبد الْعَزِيز بن أبان فَقَالَ: لم أخرج عَنهُ فِي الْمسند شَيْئًا، قد أخرجت عَنهُ عَلَى غير وَجه الحَدِيث، لَمَّا حدَّث بِحَدِيث الْمَوَاقِيت تركته.
قَالَ أَبُو مُوسَى: وَمن الدَّلِيل (عَلَى) أنَّ مَا أودعهُ «مُسْنده» قد (احتاط) فِيهِ إِسْنَادًا ومتنًا، وَلم يوردْ فِيهِ إلَّا مَا صحَّ عِنْده (ضربه) عَلَى أَحَادِيث رجال (ترك) الرِّوَايَة عَنْهُم، رَوَى عَنْهُم فِي غير «الْمسند» .
فَائِدَة:
عَدَدُ أَحَادِيث «الْمسند» أَرْبَعُونَ ألفا، بِزِيَادَات ابْنه عبد الله. كَمَا قَالَه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute