أَيهمَا أشبه؟ قَالَ: الثَّوْريّ أحفظ. ثمَّ تنبه بعد ذَلِكَ لأمر غَرِيب وَقع لصَاحب «التنقيب» فَإِنَّهُ عزا هَذَا الحَدِيث إِلَى البُخَارِيّ، وَهُوَ من الْعجب العجاب.
فَائِدَة: اخْتلف فِي مَعْنَى قَوْله: « (لَا) ترد يَد لامس» عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحدهمَا: أَن المُرَاد بِهِ الْفُجُور. مِنْهُم النَّسائي، وَقد بوب عَلَيْهِ كَمَا سلف تَزْوِيج الزَّانِيَة. وَمِنْهُم ابْن الْأَعرَابِي، فَإِنَّهُ لما سُئِلَ عَنهُ قَالَ: إِنَّه من الْفُجُور. وَمِنْهُم الْخطابِيّ فَإِنَّهُ قَالَ: فِي (معالمه) مَعْنَاهُ الرِّيبَة، وَأَنَّهَا مطاوعة لمن أرادها لَا ترد يَده. قَالَ: وَقَوله: «غربها» أَي أبعدها بِالطَّلَاق، وأصل الغرب الْبعد. قَالَ: وَفِيه دلَالَة جَوَاز نِكَاح الْفَاجِرَة. قَالَ: وَقَوله «فاستمتع بهَا» أَي: لَا تمسكها إِلَّا بِقدر مَا تقضي مُتْعَة النَّفس مِنْهَا وَمن وطرها، والاستمتاع بالشَّيْء الِانْتِفَاع بِهِ مُدَّة، وَمِنْه نِكَاح الْمُتْعَة، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: (إِنَّمَا هَذِه الْحَيَاة الدُّنْيَا مَتَاع) . وَمِنْهُم ابْن الْأَثِير فَإِنَّهُ قَالَ فِي «جَامعه» : مَعْنَى «لَا ترد يَد لامس» أَي أَنَّهَا مطاوعة لمن طلب مِنْهَا الرِّيبَة والفاحشة. وَمِنْهُم الْغَزالِيّ فَإِنَّهُ اسْتدلَّ بِهِ عَلَى الْمَرْأَة إِذا لم تصن فرجهَا. وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي «تهذيبه» بعد مَا أسلفناه عَن الْخطابِيّ: احْتج بالْخبر الْمَذْكُور جماعات من الْعلمَاء عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute