حَدِيث أبي هُرَيْرَة ... فَذكر كَمَا سلف مَرْفُوعا، فَقَالَ: وهِمَ إِسْحَاق رَاوِيه فِي اختصاره، إِنَّمَا الحَدِيث: «ابدأ بِمن تعول، تَقول امْرَأَتك: أنْفق عليَّ أَو طَلقنِي» ثمَّ اعْلَم أَن ابْن حزم ضعف مَا سلف عَن سعيد بِأَن قَالَ: روينَا من طَرِيق عبد الرَّزَّاق، عَن الثَّوْريّ، عَن يَحْيَى الْأنْصَارِيّ، عَن ابْن الْمسيب، قَالَ: «إِذا لم يجد الرجل مَا ينْفق عَلَى امْرَأَته أجبر عَلَى طَلاقهَا» ، ثمَّ قَالَ: لم نجد لأهل هَذِه الْمقَالة (حجَّة) أصلا إِلَّا تعلقهم بقول ابْن الْمسيب: «إِنَّه سنة» وَقد صَحَّ عَنهُ قَولَانِ: أَحدهمَا: يجْبر عَلَى مفارقتها. و: أَلا يفرق بَينهمَا. وهما (قَولَانِ) مُخْتَلِفَانِ وَلم يقل: إِنَّه سنة رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم -. وَلَو قَالَ ذَلِك كَانَ مُرْسلا، وَلَعَلَّه أَرَادَ سنة عمر كَمَا (روينَا) من فعله. ثمَّ ذكر عَن جمع من التَّابِعين مثل ذَلِك، ثمَّ قَالَ: وَلَا نَأْخُذ بقول من يفرق بَينهمَا كَأبي حنيفَة؛ لِأَن الله - تَعَالَى - قَالَ: (لينفق ذُو سَعَة من سعته) الْآيَة. وَلِأَن أَبَا بكر قَالَ: «يَا رَسُول الله، لَو رَأَيْت ابْنة خَارِجَة سَأَلتنِي النَّفَقَة فَقُمْت إِلَيْهَا فَوَجَأْت عُنُقهَا. فَضَحِك رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَقَالَ: هن حَولي كَمَا ترَى يَسْأَلْنَنِي النَّفَقَة. فَقَامَ أَبُو بكر إِلَى عَائِشَة يجَأ عُنُقهَا، وَقَامَ عمر إِلَى حَفْصَة يجَأ عُنُقهَا، كِلَاهُمَا يَقُول: تسألن رَسُول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم - مَا لَيْسَ عِنْده» . الحَدِيث رَوَاهُ مُسلم من
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute