للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاخْتَارَ ابْن الصّلاح الثَّالِث؛ لِأَنَّهُ ظَاهر الْكَلَام، قَالَ: وَيدل عَلَيْهِ رِوَايَة الْأَكْثَرين: «فَمن زَاد فقد أَسَاءَ وظلم» وَلم يذكرُوا النَّقْص، وَهَذِه الإِساءة وَالظُّلم مَعْنَاهُمَا أَنه مَكْرُوه (كَرَاهِيَة) تَنْزِيه، هَذَا قَول الْجُمْهُور.

وَقيل: تحرم الزِّيَادَة عَلَى الثَّلَاث.

وَقيل: لَا تحرم وَلَا تكره لَكِنَّهَا خلاف الأولَى. وَالصَّوَاب الأول، فَلَو زَاد أَو نقص لم يبطل وضوءه عِنْد جَمَاهِير الْعلمَاء. وَحَكَى الدَّارمِيّ عَن قوم أَنه يبطل كَمَا لَو زَاد فِي الصَّلَاة رَكْعَة أَو نقص مِنْهَا، هَذَا غلط فَاحش.

قَالَ النَّوَوِيّ: وَالْمَشْهُور فِي كتب الْفِقْه وشروح الحَدِيث وَغَيرهَا لِأَصْحَابِنَا وَغَيرهم أَن قَوْله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم -: «فَمن زَاد أَو نقص» مَعْنَاهُ زَاد عَلَى الثَّلَاث أَو نقص مِنْهَا، وَلم يذكر أَصْحَابنَا وَغَيرهم غير هَذَا الْمَعْنى. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «السّنَن الْكَبِير» : يحْتَمل أَن المُرَاد بِالنَّقْصِ نقص الْعُضْو.

وَجزم بِهَذِهِ الْمقَالة الشَّيْخ زكي الدَّين فِي كَلَامه عَلَى أَحَادِيث الْمُهَذّب.

قَالَ النَّوَوِيّ: وَهَذَا تَأْوِيل غَرِيب ضَعِيف مَرْدُود. قَالَ: وَمُقْتَضَاهُ أَن تكون الزِّيَادَة فِي الْعُضْو وَهِي غسل مَا فَوق الْمرْفق والكعب إساءة وظلمًا وَلَا سَبِيل إِلَى ذَلِكَ، بل (هُوَ) مُسْتَحبّ، وَالْبَيْهَقِيّ مِمَّن نَص عَلَى اسْتِحْبَابه وَعقد فِيهِ بَابَيْنِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>