للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِن قلت: يقْدَح فِيمَا قَرّرته أَيهَا المُصَنّف من حسن هَذَا الحَدِيث قَول أبي دَاوُد فِي «سنَنه» : أَحَادِيث عُثْمَان الصِّحَاح كلهَا تدل عَلَى مسح الرَّأْس أنَّه مرّة؛ فَإِنَّهُم ذكرُوا الْوضُوء ثَلَاثًا قَالُوا فِيهَا «وَمسح رَأسه» لم يذكرُوا عددا كَمَا ذكرُوا فِي غَيره.

وَقَول الْبَيْهَقِيّ فِي «السّنَن الْكَبِير» : وَرُوِيَ من أوجه غَرِيبَة، عَن عُثْمَان (وفيهَا مسح الرَّأْس ثَلَاثًا) إِلَّا أَنَّهَا مَعَ خلاف الْحفاظ الثِّقَات لَيست بِحجَّة عِنْد أهل الْمعرفَة، وَإِن كَانَ بعض أَصْحَابنَا يحْتَج بهَا.

قلت: لَا تنَافِي بَين قَوْلنَا وَقَول أبي دَاوُد؛ لأَنا قَررنَا حسن الحَدِيث، وَأَبُو دَاوُد قَالَ: أَحَادِيث عُثْمَان الصِّحَاح، فَأَبُو دَاوُد - رَحِمَهُ اللَّهُ - لم ينفِ حسنه؛ وإنَّما نَفَى صِحَّته. (بل لَو ادعيت) صِحَّته من طريقيه الْأَوَّلين لم أبعد؛ بل هُوَ - إِن شَاءَ الله - كَمَا قَرّرته، عَلَى أَن أَحَادِيث الصِّحَاح لَيْسَ فِيهَا نفي الْعدَد، وَحَدِيثه هَذَا من جَمِيع طرقه فِيهَا إثْبَاته؛ فَقدم عَلَى الأوَّل، قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «خلافياته» : مَا رُوِيَ فِي حَدِيث عُثْمَان وَغَيره من الْمسْح مرّة وَاحِدَة فَلَيْسَ فِيهِ نفي عدد، وَفِيمَا رَوَيْنَاهُ إثْبَاته سنة، وَالْأولَى بِنَا الْجمع بَين الْخَبَرَيْنِ.

وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو الْفرج بن الْجَوْزِيّ فِي كِتَابه «التَّحْقِيق» : وأمّا من رَوَى عَن عُثْمَان أنَّه لم يذكر فِي الْمسْح عددا فَلَا حجَّة فِي ذَلِكَ، من

<<  <  ج: ص:  >  >>