مَنْ يَقْصِدُ جَمْعَ شُيُوخِهِ عَلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ، أَوْ عَدَمِ وُجُودِ غَيْرِهِ فِي بَلَدٍ عَظِيمٍ لِمَنْ قَصَدَ الِاعْتِنَاءَ بِالْأَحَادِيثِ الْبُلْدَانِيَّاتِ، كَمَا اتَّفَقَ لِلْحَافِظِ الْخَطِيبِ أَنَّهُ كَتَبَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ عَنْ شَابٍّ اسْمُهُ وَفِيٌّ، رَوَى عَنْ بَعْضِ تَلَامِذَتِهِ مِمَّنْ كَانَ إِذْ ذَاكَ فِي قَيْدِ الْحَيَاةِ لِغَرَابَةِ اسْمِهِ.
وَاقْتَفَيْتُ أَثَرَهُ فِي ذَلِكَ حَيْثُ سَمِعْتُ عَلَى امْرَأَةٍ اسْمُهَا لَمْيَاءُ، مَعَ نُزُولِ إِسْنَادِهَا، أَوْ مَا لَمْ (يُجْبَرِ) النُّزُولُ بِصِفَةٍ مُرَجِّحَةٍ كَزِيَادَةِ الثِّقَةِ فِي رِجَالِهِ عَلَى الْعَالِي، أَوْ كَوْنِهِ أَحْفَظَ أَوْ أَضَبَطَ أَوْ أَفْقَهَ، أَوْ كَوْنِهِ مُتَّصِلًا بِالسَّمَاعِ، وَفِي الْعَالِي حُضُورٌ أَوْ إِجَازَةٌ أَوْ مُنَاوَلَةٌ أَوْ تَسَاهُلٌ مِنْ بَعْضِ رُوَاتِهِ فِي الْحَمْلِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ ; فَإِنَّ الْعُدُولَ حِينَئِذٍ إِلَى النُّزُولِ لَيْسَ بِمَذْمُومٍ وَلَا مَفْضُولٍ.
وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ: وَمَا جَاءَ فِي ذَمِّ النُّزُولِ مَخْصُوصٌ بِبَعْضِ النُّزُولِ ; فَإِنَّ النُّزُولَ إِذَا تَعَيَّنَ دُونَ الْعُلُوِّ طَرِيقًا إِلَى فَائِدَةٍ رَاجِحَةٍ عَلَى فَائِدَةِ الْعُلُوِّ كَانَ مُخْتَارًا غَيْرَ مَرْذُولٍ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَفِيهِ نَظَرٌ ; لِأَنَّهُ - وَالْحَالَةُ هَذِهِ - لَا يُسَمَّى نَازِلًا مُطْلَقًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ.
وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ جِهَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هَاشِمٍ الطُّوسِيِّ وَعَلِيِّ بْنِ خَشْرَمٍ أَنَّهُمَا قَالَا: كُنَّا عِنْدَ وَكِيعٍ فَقَالَ لَنَا: أَيُّ الْإِسْنَادَيْنِ أَحَبُّ إِلَيْكُمْ، الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَوْ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ؟ فَقُلْنَا: الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ، فَقَالَ: يَا سُبْحَانَ اللَّهِ، الْأَعْمَشُ شَيْخٌ وَأَبُو وَائِلٍ شَيْخٌ، وَسُفْيَانُ فَقِيهٌ عَنْ فَقِيهٍ عَنْ فَقِيهٍ عَنْ فَقِيهٍ، وَحَدِيثٌ يَتَدَاوَلُهُ الْفُقَهَاءِ خَيْرٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute