ابْنِ الصَّلَاحِ: وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ يُوجَدُ فِي بَعْضِ مَنْ ذَكَرْنَا تَفَرُّدَ رَاوٍ وَاحِدٍ عَنْهُ خِلَافٌ فِي تَفَرُّدِهِ، بَلْ قَالَ عَقِبَ مَا نَقَلَهُ عَنِ الْحَاكِمِ مِنْ ذَلِكَ: وَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ فِي تَنْزِيلِهِ بَعْضُ مَنْ ذَكَرَهُ بِالْمَنْزِلَةِ الَّتِي جَعَلَهُ مِنْهَا، مُعْتَمِدًا عَلَى الْحُسْبَانِ وَالتَّوَهُّمِ، وَقَدَّمْتُ مِنْهَا فِي الْمَجْهُولِ مِمَّا هُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، وَلَا انْتِقَادَ فِيهِ جُمْلَةً، وَبَيَّنْتُ هُنَاكَ مِنْ كَلَامِ الْحَاكِمِ نَفْسِهِ مَا يَقْتَضِي تَخْصِيصَ مَقَالِهِ بِغَيْرِ الصَّحَابِيِّ، وَأَنَّ شَيْخَنَا قَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ فِي الْكِتَابَيْنِ حَدِيثٌ أَصْلٌ لِمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ رِوَايَةِ مَنْ لَيْسَ لَهُ إِلَّا رَاوٍ وَاحِدٌ فَقَطْ، فَرَاجِعْهُ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَزُولُ نِسْبَةُ الْحَاكِمِ إِلَى الْغَلَطِ.
[مَنْ ذُكِرَ بِنُعُوتٍ مُتَعَدِّدَةٍ]
٨٥٨ - وَاعْنَ بِأَنْ تَعْرِفَ مَا يَلْتَبِسُ ... مِنْ خَلَّةٍ يُعْنَى بِهَا الْمُدَلِّسُ
٨٥٩ - مِنْ نَعْتِ رَاوٍ بِنُعُوتٍ نَحْوِ مَا ... فُعِلَ فِي الْكَلْبِيِّ حَتَّى أُبْهِمَا
٨٦٠ - مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ الْعَلَّامَهْ ... سَمَّاهُ حَمَّادًا أَبُو أُسَامَهْ
٨٦١ - وَبِأَبِي النَّضْرِ ابْنُ إِسْحَاقَ ذَكَرْ ... وَبِأَبِي سَعِيدٍ الْعَوْفِيُّ شَهَرْ
(مَنْ ذُكِرَ) مِنَ الرُّوَاةِ (بِنُعُوتٍ مُتَعَدِّدَةٍ) ، وَهُوَ نَوْعٌ مُهِمٌّ وَفَنٌّ ـ كَمَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ - عَوِيصٌ، بِمُهْمَلَتَيْنِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ، كَرَغِيفٍ ; أَيْ: صَعْبُ الِاسْتِخْرَاجِ، وَالْحَاجَةُ إِلَيْهِ حَاقَّةٌ، وَفَائِدَةُ ضَبْطِهِ الْأَمْنُ مِنْ تَوَهُّمِ الْوَاحِدِ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ. وَاشْتِبَاهُ الضَّعِيفِ بِالثِّقَةِ وَعَكْسِهِ، (وَاعْنَ) ; أَيِ: اجْعَلْ أَيُّهَا الطَّالِبُ مِنْ عِنَايَتِكَ الِاهْتِمَامَ (بِأَنْ تَعْرِفَ مَا يَلْتَبِسُ) الْأَمْرُ فِيهِ كَثِيرًا، لَا سِيَّمَا عَلَى غَيْرِ الْمَاهِرِ الْيَقِظِ، (مِنْ خَلَّةٍ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ ; أَيْ: خَصْلَةٍ، (يُعْنَى) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَقَدْ يُفْتَحُ ; أَيْ: يَهْتَمُّ وَيَشْتَغِلُ (بِهَا الْمُدَلِّسُ) مِنَ الرُّوَاةِ ; أَيْ: كَثِيرًا، وَإِلَّا فَقَدْ فَعَلَهُ الْخَطِيبُ بَلْ وَالْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِمَّنْ لَمْ يُوصَفْ بِتَدْلِيسٍ، وَيُشِيرُ إِلَيْهِ قَوْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ: فَإِنَّ أَكْثَرَ ذَلِكَ إِنَّمَا نَشَأَ مِنْ تَدْلِيسِهِمْ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وَأَكْثَرُ مَا يَقَعُ ذَلِكَ مِنَ الْمُدَلِّسِينَ، (مِنْ نَعْتِ رَاوٍ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute