[الِاشْتِرَاطُ لِلِاتِّصَالِ ثُبُوتُ اللِّقَاءِ]
[الِاشْتِرَاطُ لِلِاتِّصَالِ ثُبُوتُ اللِّقَاءِ] وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِاشْتِرَاطِ ثُبُوتِ اللِّقَاءِ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، وَالْبُخَارِيُّ، وَجَعَلَاهُ شَرْطًا فِي أَصْلِ الصِّحَّةِ، وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْبُخَارِيَّ إِنَّمَا الْتَزَمَ ذَلِكَ فِي جَامِعِهِ فَقَطْ، وَكَذَا عَزَا اللِّقَاءَ لِلْمُحَقِّقِينَ النَّوَوِيُّ، بَلْ هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّافِعِيِّ، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا، وَاقْتَضَاهُ مَا فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ لِأَبِي بَكْرٍ الصَّيْرَفِيِّ.
(وَ) لَكِنْ (مُسْلِمٌ لَمْ يَشْرِطْ) فِي الْحُكْمِ بِالِاتِّصَالِ (اجْتِمَاعًا) بَيْنَهُمَا، بَلْ أَنْكَرَ اشْتِرَاطَهُ فِي مُقَدِّمَةِ (صَحِيحِهِ) ، وَادَّعَى أَنَّهُ قَوْلٌ مُخْتَرَعٌ لَمْ يُسْبَقْ قَائِلُهُ إِلَيْهِ، وَأَنَّ الْقَوْلَ الشَّائِعَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْأَخْبَارِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا مَا ذَهَبَ هُوَ إِلَيْهِ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِهِ.
(لَكِنْ) اشْتَرَطَ (تَعَاصُرًا) أَيْ: كَوْنُهُمَا فِي عَصْرٍ وَاحِدٍ فَقَطْ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ فِي خَبَرٍ قَطُّ أَنَّهُمَا اجْتَمَعَا أَوْ تَشَافَهَا، يَعْنِي تَحْسِينًا لِلظَّنِّ، بِالثِّقَةِ، قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ. انْتَهَى.
وَوَجْهُهُ فِيمَا يَظْهَرُ مَا عُلِمَ مِنْ تَجْوِيزِ أَهْلِ ذَاكَ الْعَصْرِ لِلْإِرْسَالِ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُدَلِّسًا وَحَدَّثَ بِالْعَنْعَنَةِ عَنْ بَعْضِ مَنْ عَاصَرَهُ - لَمْ يَدُلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ ; لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُدَلِّسٍ فَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرْسَلَ عَنْهُ ; لِشُيُوعِ الْإِرْسَالِ بَيْنَهُمْ.
فَاشْتَرَطُوا أَنْ يَثْبُتَ أَنَّهُ لَقِيَهُ وَسَمِعَ مِنْهُ، لِتُحْمَلَ عَنْعَنَتُهُ عَلَى السَّمَاعِ ; لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُحْمَلْ حِينَئِذٍ عَلَى السَّمَاعِ لَكَانَ مُدَلِّسًا، وَالْفَرْضُ السَّلَامَةُ مِنَ التَّدْلِيسِ، فَبَانَ رُجْحَانُ اشْتِرَاطِهِ.
وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَرْجَمَةِ أَبِي قِلَابَةَ الْجَرْمِيِّ: إِنَّهُ رَوَى عَنْ جَمَاعَةٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمْ، لَكِنَّهُ عَاصَرَهُمْ، كَأَبِي زَيْدٍ عَمْرِو بْنِ أَخْطَبَ، وَقَالَ مَعَ ذَلِكَ: إِنَّهُ لَا يُعْرَفُ لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute