مُسْلِمٍ غَرِيبَهُ، فَهَذَا مَا عَلِمْتُهُ الْآنَ مِنْ كُتُبِ غَرِيبِ الْحَدِيثِ.
قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وَأَجَلُّ كِتَابٍ يُوجَدُ فِيهِ مَجَامِعُ ذَلِكَ كِتَابُ (الصِّحَاحِ) لِلْجَوْهَرِيِّ. قُلْتُ: وَ (الْقَامُوسُ) لِلْمَجْدِ الشِّيرَازِيِّ شَيْخِ شُيُوخِنَا. وَهُوَ - كَمَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ - يَقْبُحُ جَهْلُهُ بِأَهْلِ الْحَدِيثِ خَاصَّةً، ثُمَّ بِأَهْلِ الْعِلْمِ عَامَّةً.
[الِاعْتِنَاءُ بِهَذَا الْفَنِّ وَأَهْلِهِ]
[الِاعْتِنَاءُ بِهَذَا الْفَنِّ وَأَهْلِهِ] (فَاعْنَ) أَيُّهَا الْمُقْبِلُ عَلَى هَذَا الشَّأْنِ، (بِهِ) ; أَيْ: بِعِلْمِ الْغَرِيبِ تَحَفُّظًا وَتَدَبُّرًا، وَالْزَمِ النِّهَايَةَ مِنْ كُتُبِهِ، (وَلَا تَخُضْ) فِيهِ رَجْمًا (بِالظَّنِّ) ; فَإِنَّهُ لَيْسَ بِالْهَيِّنِ، وَالْخَائِضُ فِيهِ حَقِيقٌ بِالتَّحَرِّي، جَدِيرٌ بِالتَّوَقِّي.
وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ، وَنَاهِيكَ بِهِ حَيْثُ سُئِلَ عَنْ حَرْفٍ مِنْهُ: (سَلُوا أَصْحَابَ الْغَرِيبِ ; فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَتَكَلَّمَ فِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالظَّنِّ، فَأُخْطِئَ) . وَقَالَ شُعْبَةُ فِي لَفْظِهِ: (خُذُوهَا عَنِ الْأَصْمَعِيِّ ; فَإِنَّهُ أَعْلَمُ بِهَذَا مِنَّا) . كَمَا قَدَّمْتُهُ مَعَ غَيْرِهِ مِمَّا يُشْبِهُهُ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ مِنْ صِفَةِ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ. (وَلَا تُقَلِّدْ غَيْرَ أَهْلِ الْفَنِّ) وَأَجِلَّائِهِ إِنْ كَانُوا، وَإِلَّا فَكُتُبُهُمْ ; لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ أَخْطَأَ فِي تَصَرُّفِهِ. وَإِذَا كَانَ مِثْلُ الْأَصْمَعِيِّ، وَهُوَ مِمَّنْ عَلِمْتَ جَلَالَتَهُ يَقُولُ: أَنَا لَا أُفَسِّرُ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَكِنَّ الْعَرَبَ تَزْعُمُ أَنَّ السَّقْبَ اللَّزِيقُ. فَكَيْفَ بِغَيْرِهِ مِمَّنْ لَا يُعْرَفُ بِالْفَنِّ؟ ! أَمْ كَيْفَ بِمَا يُرَى مِنْ ذَلِكَ بِهَوَامِشِ الْكُتُبِ مِمَّا يُجْهَلُ كَاتِبُهُ؟ ! بَلْ شَرَطَ بَعْضُهُمْ فِيمَنْ يُقَلِّدُ اطِّلَاعَهُ عَلَى أَكْثَرِ اسْتِعْمَالَاتِ أَلْفَاظِ الشَّارِعِ حِقِيقَةً وَمَجَازًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute