لَهُ بَيْنَ الطُّلَّابِ ; وَلِهَذَا لَمَّا ذَكَرَ الْخَطِيبُ فِي جَامِعِهِ أَنَّهُ عَيَّبَ جَمَاعَةً مِنَ الطَّلَبَةِ بْتَصْحِيفِهِمْ فِي الْأَسَانِيدِ وَالْمُتُونِ، وَدَوَّنَ عَنْهُمْ مَا صَحَّفُوهُ، قَالَ: وَأَنَا أَذْكُرُ بَعْضَ ذَلِكَ ; لِيَكُونَ دَاعِيًا لِمَنْ وَقَفَ عَلَيْهِ إِلَى التَّحَفُّظِ مِنْ مِثْلِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، لَا سِيَّمَا وَيَنْبَغِي لِقَارِئِ الْحَدِيثِ أَنْ يَتَفَكَّرَ فِيمَا يَقْرَؤُهُ حَتَّى يَسْلَمَ مِنْهُ.
وَقَوْلُ الْعَسْكَرِيِّ: إِنَّهُ قَدْ عُيِّبَ بِالتَّصْحِيفِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَفُضِحَ بِهِ كَثِيرٌ مِنَ الْأُدَبَاءِ، وَسُمُّوا الصُّحُفِيَّةَ، وَنَهْيُ الْعُلَمَاءِ عَنِ الْحَمْلِ عَنْهُمْ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُتَكَرِّرِ مِنْهُ، وَإِلَّا فَمَا يَسْلَمُ مِنْ زَلَّةٍ وَخَطَأٍ إِلَّا مَنْ عَصَمَ اللَّهُ، وَالسَّعِيدُ مَنْ عُدَّتْ غَلَطَاتُهُ.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: وَمَنْ يَعْرَى عَنِ الْخَطَأِ وَالتَّصْحِيفِ؟ ! وَالْإِكْثَارُ مِنْهُ إِنَّمَا يَحْصُلُ غَالِبًا لِلْآخِذِ مِنْ بُطُونِ الدَّفَاتِرِ وَالصُّحُفِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْخٌ يُوقِفُهُ عَلَى ذَلِكَ. وَمِنْ ثَمَّ حَضَّ الْأَئِمَّةُ عَلَى تَجَنُّبِ الْأَخْذِ كَذَلِكَ كَمَا سَلَفَ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ صِفَةِ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ. وَيُعْلَمُ أَنَّ اشْتِقَاقَهُ مِنَ الصَّحِيفَةِ ; لِأَنَّ مَنْ يَنْقُلُ كَذَلِكَ وَيُغَيِّرُ يُقَالُ: إِنَّهُ قَدْ صَحَّفَ ; أَيْ: قَدْ رَوَى عَنِ الصُّحُفِ، فَهُوَ مُصَحِّفٌ، وَمَصْدَرُهُ التَّصْحِيفُ.
[أَمْثِلَةُ التَّصْحِيفِ فِي الْمَتْنِ]
[أَمْثِلَةُ التَّصْحِيفِ فِي الْمَتْنِ] ثُمَّ إِنَّهُ يَقَعُ تَارَةً إِمَّا (فِي الْمَتْنِ كَـ) ـمَا اتَّفَقَ لِأَبِي بَكْرٍ (الصُّوِلِيِّ) ; حَيْثُ أَمْلَى فِي (الْجَامِعِ) حَدِيثَ أَبِي أَيُّوبَ مَرْفُوعًا: ( «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ سِتًّا» ) بِسِينٍ مُهْمَلَةٍ وَمُثَنَّاةٍ فَوْقَانِيَّةٍ مُشَدَّدَةٍ (غَيَّرْ) ذَلِكَ (شَيْئًا) بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُثَنَّاةِ التَّحْتَانِيَّةِ. وَلِوَكِيعٍ فِي حَدِيثِ: ( «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِينَ يُشَقِّقُونَ الْخُطَبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute