الرَّجُلِ أَمْ لَا، فَلَوْ عَلِمْتُ إِمْكَانَهُ فِيهِ، لَجَعَلْتُهُ كَمُدْرِكِ الْعَصْرِ.
قَالَ النَّاظِمُ: وَهُوَ حَسَنٌ مُتَّجِهٌ، وَكَلَامُ مَنْ أَطْلَقَ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ.
وَتَوَقَّفَ شَيْخُنَا فِي ذَلِكَ ; لِأَنَّ التَّابِعِيَّ إِذَا كَانَ سَالِمًا مِنَ التَّدْلِيسِ، حُمِلَتْ عَنْعَنَتُهُ عَلَى السَّمَاعِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ.
قَالَ: وَلَا يُقَالُ: إِنَّمَا يَتَأَتَّى هَذَا فِي حَقِّ كِبَارِ التَّابِعِينَ الَّذِينَ جُلُّ رِوَايَتِهِمْ عَنِ الصَّحَابَةِ بِلَا وَاسِطَةٍ، وَأَمَّا صِغَارُ التَّابِعِينَ الَّذِينَ جُلُّ رِوَايَتِهِمْ عَنِ التَّابِعِينَ ; فَلَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ إِدْرَاكِهِ لِذَلِكَ الصَّحَابِيِّ، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يُسَمِّهِ ; حَتَّى نَعْلَمَ هَلْ أَدْرَكَهُ أَمْ لَا؟ لِأَنَّا نَقُولُ: سَلَامَتُهُ مِنَ التَّدْلِيسِ كَافِيَةٌ فِي ذَلِكَ ; إِذْ مَدَارُ هَذَا عَلَى قُوَّةِ الظَّنِّ، وَهِيَ حَاصِلَةٌ فِي هَذَا الْمَقَامِ.
[مُرْسَلُ الصَّحَابِيِّ]
[مُرْسَلُ الصَّحَابِيِّ] (أَمَّا) الْخَبَرُ (الَّذِي أَرْسَلَهُ الصَّحَابِيُّ) الصَّغِيرُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ; كَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَنَحْوِهِمَا مِمَّنْ لَمْ يَحْفَظْ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا الْيَسِيرَ، وَكَذَا الصَّحَابِيُّ الْكَبِيرُ فِيمَا ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهُ إِلَّا بِوَاسِطَةٍ.
(فَحُكْمُهُ الْوَصْلُ) الْمُقْتَضِي لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ ; لِأَنَّ غَالِبَ رِوَايَةِ الصِّغَارِ مِنْهُمْ عَنِ الصَّحَابَةِ، وَرِوَايَتِهِمْ عَنْ غَيْرِهِمْ - كَمَا قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ - زِيَادَةٌ، فَإِذَا رَوَوْهَا بَيَّنُوهَا، وَحَيْثُ أَطْلَقُوا، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ عَنَوُا الصَّحَابَةَ. انْتَهَى.
وَلَا شَكَّ أَنَّهُمْ عُدُولٌ لَا يَقْدَحُ فِيهِمُ الْجَهَالَةُ بِأَعْيَانِهِمْ، وَأَيْضًا فَمَا يَرْوِيهِ عَنِ التَّابِعِينَ، غَالِبُهُ بَلْ عَامَّتُهُ إِنَّمَا هُوَ مِنَ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ، وَمَا أَشْبَهَهَا مِنَ الْحِكَايَاتِ، وَكَذَا الْمَوْقُوفَاتُ، وَالْحُكْمُ الْمَذْكُورُ (عَلَى الصَّوَابِ) الْمَشْهُورِ، بَلْ أَهْلُ الْحَدِيثِ وَإِنْ سَمَّوْهُ مُرْسَلًا، لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي الِاحْتِجَاجِ بِهِ، وَإِنْ نَقَلَ ابْنُ كَثِيرٍ عَنِ ابْنِ الْأَثِيرِ وَغَيْرِهِ فِيهِ خِلَافًا.
وَقَوْلُ الْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ الْإِسْفِرَائِينِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ أَئِمَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute