فَإِنْ لَمْ يَصِفْهُ بِهَا، فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مُتَّصِلَا ; لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ تَابِعِيًّا آخَرَ، بَلْ هُوَ مُرْسَلٌ عَلَى بَابِهِ.
وَإِنْ وَصَفَهُ بِالصُّحْبَةِ، فَقَدْ وَقَعَ فِي أَمَاكِنَ مِنَ السُّنَنِ وَغَيْرِهَا لِلْبَيْهِقِيِّ تَسْمِيَتُهُ أَيْضًا مُرْسَلًا، وَمُرَادُهُ مُجَرَّدُ التَّسْمِيَةِ، فَلَا يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْإِرْسَالِ فِي نَفْيِ الِاحْتِجَاجِ، كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ مِنْ " مَعْرِفَتِهِ " عَقِبَ حَدِيثٍ رَوَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَائِشَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ ; فَإِنَّهُ قَالَ: وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ، وَأَصْحَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلُّهُمْ ثِقَةٌ، فَتَرْكُ ذِكْرِ أَسْمَائِهِمْ فِي الْإِسْنَادِ لَا يَضُرُّ، إِذَا لَمْ يُعَارِضْهُ مَا هُوَ أَصَحُّ مِنْهُ. انْتَهَى.
وَبِهَذَا الْقَيْدِ وَنَحْوِهِ يُجَابُ عَمَّا تُوُقِّفَ عَنِ الِاحْتِجَاجِ بِهِ مِنْ ذَلِكَ، لَا لِكَوْنِهِ لَمْ يُسَمَّ وَلَوْ لَمْ يُصَرَّحْ بِهِ، وَيَتَأَيَّدُ كَوْنُ مِثْلِ ذَلِكَ حُجَّةً بِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنِ الْحُمَيْدِيِّ قَالَ: إِذَا صَحَّ الْإِسْنَادُ عَنِ الثِّقَاتِ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَهُوَ حُجَّةٌ وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ.
وَكَذَا قَالَ الْأَثْرَمُ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ: إِذَا قَالَ رَجُلٌ مِنَ التَّابِعِينَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُسَمِّهِ، فَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلَكِنْ قَيَّدَهُ ابْنُ الصَّيْرَفِيِّ بِأَنْ يَكُونَ صَرَّحَ بِالتَّحْدِيثِ وَنَحْوِهِ، أَمَّا إِذَا قَالَ: عَنْ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَلَا يُقْبَلُ.
قَالَ: لِأَنِّي لَا أَعْلَمُ أَسَمِعَ ذَلِكَ التَّابِعِيُّ مِنْهُ أَمْ لَا؟ إِذْ قَدْ يُحَدِّثُ التَّابِعِيُّ عَنْ رَجُلٍ، وَعَنْ رَجُلَيْنِ، عَنِ الصَّحَابِيِّ، وَلَا أَدْرِي هَلْ أَمْكَنَ لِقَاءُ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute