عَوَانَةَ بِمِنًى، فَلَمْ يُعْطِهِ شَيْئًا، فَلَمَّا وَلَّى لَحِقَهُ أَبُو عُوَانَةَ فَأَعْطَاهُ دِينَارًا، فَقَالَ لَهُ السَّائِلُ: وَاللَّهِ لَأَنْفَعَنَّكَ بِهَا يَا أَبَا عَوَانَةَ. فَلَمَّا أَصْبَحُوا وَأَرَادُوا الدَّفْعَ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ، وَقَفَ ذَلِكَ السَّائِلُ عَلَى طَرِيقِ النَّاسِ وَجَعَلَ يُنَادِي إِذَا رَأَى رُفْقَةً مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، اشْكُرُوا يَزِيدَ بْنَ عَطَاءٍ اللَّيْثِيَّ، يَعْنِي مَوْلَى أَبِي عَوَانَةَ ; فَإِنَّهُ تَقَرَّبَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الْيَوْمَ بِأَبِي عَوَانَةَ فَأَعْتَقَهَ. فَجَعَلَ النَّاسُ يَمُرُّونَ فَوْجًا فَوْجًا إِلَى يَزِيدَ، يَشْكُرُونَ لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ يُنْكِرُهُ، فَلَمَّا كَثُرَ هَذَا الصَّنِيعُ مِنْهُمْ قَالَ: وَمَنْ يَقْدِرُ عَلَى رَدِّ هَؤُلَاءِ كُلِّهِمْ؟ ! اذْهَبْ فَأَنْتَ حُرٌّ.
وَأَنْ لَا يَكُونَ مُسْتَنَدُهُ مَا ثَبَتَ بِقَضِيَّةِ الْعَقْلِ الصِّرْفِ ; كَـ: الْوَاحِدُ نِصْفُ الِاثْنَيْنِ، وَالْأُمُورِ النَّظَرِيَّاتِ ; إِذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يُخْبِرُ عَنْ نَظَرِهِ، وَكُلُّهُ مَقْبُولٌ ; لِإِفَادَتِهِ الْقَطْعَ بِصِدْقِ مُخْبِرِهِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ أَخْبَارِ الْآحَادِ كَمَا سَلَفَ، وَلَيْسَ مِنْ مَبَاحِثِ هَذَا الْفَنِّ ; فَإِنَّهُ لَا يُبْحَثُ عَنْ رِجَالِهِ ; لِكَوْنِهِ لَا دَخْلَ لِصِفَاتِ الْمُخْبِرِينَ فِيهِ ; وَلِذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْهُ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ إِلَّا الْقَلِيلُ ; كَالْحَاكِمِ، وَالْخَطِيبِ فِي أَوَائِلِ (الْكِفَايَةِ) ، وَابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ، وَابْنِ حَزْمٍ.
وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: إِنَّ أَهْلَ الْحَدِيثِ لَا يَذْكُرُونَهُ بِاسْمِهِ الْخَاصِّ الْمُشْعِرِ بِمَعْنَاهُ الْخَاصِّ.
وَإِنْ كَانَ الْخَطِيبُ قَدْ ذَكَرَهُ، فَفِي كَلَامِهِ مَا يُشْعِرُ بِأَنَّهُ اتَّبَعَ فِيهِ غَيْرَ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ لَا يَشْمَلُهُ صِنَاعَتُهُمْ، وَلَا يَكَادُ يُوجَدُ فِي رِوَايَاتِهِمْ.
[أَمْثِلَةُ التَّوَاتُرِ]
[أَمْثِلَةُ التَّوَاتُرِ] وَلَهُ أَمْثِلَةٌ ; (كَمَتْنِ) ( «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» ) ، الَّذِي اعْتَنَى غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْحُفَّاظِ ; مِنْهُمُ الطَّبَرَانِيُّ وَيُوسُفُ بْنُ خَلِيلٍ بِجَمْعِ طُرُقِهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute