للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِخِلَافِ مَنْ بَعْدَهُ ; فَإِنَّ ذَلِكَ كَثُرَ فِيهِ وَاشْتَهَرَ، وَكَانَ آخِرُ مَنْ كَانَ فِي أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ مِمَّنْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَنْ عَاشَ إِلَى حُدُودِ الْعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَفِي هَذَا الْوَقْتِ ظَهَرَتِ الْبِدَعُ ظُهُورًا فَاشِيًا، وَأَطْلَقَتِ الْمُعْتَزِلَةُ أَلْسِنَتَهَا، وَرَفَعَتِ الْفَلَاسِفَةُ رُءُوسَهَا، وَامْتُحِنَ أَهْلُ الْعِلْمِ لِيَقُولُوا بِخَلْقِ الْقُرْآنِ، وَتَغَيَّرَتِ الْأَحْوَالُ تَغَيُّرًا شَدِيدًا، وَلَمْ يَزَلِ الْأَمْرُ فِي نَقْصٍ إِلَى الْآنَ، نَسْأَلُ اللَّهَ السَّلَامَةَ.

وَبِالْجُمْلَةِ، فَخَيْرُ النَّاسِ قَرْنًا بَعْدَ الصَّحَابَةِ مَنْ شَافَهَ الصَّحَابَةَ وَحَفِظَ عَنْهُمُ الدِّينَ وَالسُّنَنَ، أَوْ لَقِيَهُمْ، وَقَدْ أَثْنَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى التَّابِعِينَ بِإِحْسَانٍ فَقَالَ: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [التوبة: ١٠٠] الْآيَةَ [التَّوْبَةِ: ١٠٠] . وَكَانَ فِي التَّابِعِينَ مَنْ رَوَى عَنْهُ بَعْضُ الصَّحَابَةِ ; كَرِوَايَةِ الْعَبَادِلَةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الصَّحَابَةِ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ، عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي الْأَكَابِرِ عَنِ الْأَصَاغِرِ.

[ذِكْرُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ]

[ذِكْرُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ] (وَ) كَذَا كَانَ (فِي الْكِبَارِ) السَّادَاتِ مِنَ التَّابِعِينَ (الْفُقَهَاءُ السَّبْعَهْ) مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ، الَّذِينَ كَانُوا يَصْدُرُونَ عَنْ آرَائِهِمْ، وَيُنْتَهَى إِلَى قَوْلِهِمْ وَإِفْتَائِهِمْ مِمَّنْ عُرِفَ بِالْفِقْهِ وَالصَّلَاحِ وَالْفَضْلِ وَالْفَلَاحِ. قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: وَكَانُوا إِذَا جَاءَتْهُمُ الْمَسْأَلَةُ دَخَلُوا فِيهَا جَمِيعًا فَنَظَرُوا فِيهَا، وَلَا يَقْضِي الْقَاضِي حَتَّى تُرْفَعَ إِلَيْهِمْ فَيَنْظُرُونَ فِيهَا فَيُصْدِرُونَ. انْتَهَى.

وَالْفُقَهَاءُ، وَإِنْ كَانُوا بِكَثْرَةٍ فِي التَّابِعِينَ، فَعِنْدَ إِطْلَاقِ هَذَا الْوَصْفِ مَعَ قَيْدِ الْعَدَدِ الْمُعَيَّنِ لَا يَنْصَرِفُ إِلَّا إِلَى هَؤُلَاءِ، كَمَا قُلْنَا فِي الْعَبَادِلَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ سَوَاءٍ.

وَهُمْ: (خَارِجَةُ) بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيُّ. قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: كَانَ هُوَ وَطَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ - يَعْنِي قَاضِيَ الْمَدِينَةِ وَابْنَ أَخِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ - يُقَسِّمَانِ الْمَوَارِيثَ، وَيَكْتُبَانِ الْوَثَائِقَ، وَيَنْتَهِي النَّاسُ إِلَى قَوْلِهِمَا. وَكَذَا قَالَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، وَزَادَ: وَأَنَّهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>