أَخَذَهُ عَنْ مَالِكٍ عَنْهُ، وَلَكِنْ هُشَيْمٌ قَدْ سَوَّى الْإِسْنَادَ، كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ، وَيَتَأَيَّدُ بِقَوْلِ الْخَطِيبِ الَّذِي أَسْلَفْتُهُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْقِسْمِ: " أَوْ صَغِيرُ السِّنِّ ".
وَيَلْتَحِقُ بِتَدْلِيسِ التَّسْوِيَةِ فِي مَزِيدِ الذَّمِّ مَا حَكَيْنَاهُ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ عَنْ فِطْرٍ.
تَتِمَّةٌ: الْمُدَلِّسُونَ مُطْلَقًا عَلَى خَمْسِ مَرَاتِبَ، بَيَّنَهَا شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي تَصْنِيفِهِ الْمُخْتَصِّ بِهِمُ، الْمُسْتَمَدِّ فِيهِ مِنْ جَامِعِ التَّحْصِيلِ لِلْعَلَائِيِّ وَغَيْرِهِ: مَنْ لَمْ يُوصَفْ بِهِ إِلَّا نَادِرًا، كَالْقَطَّانِ وَيَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، مَنْ كَانَ تَدْلِيسُهُ قَلِيلًا بِالنِّسْبَةِ لِمَا رَوَى مَعَ إِمَامَتِهِ، وَجَلَالَتِهِ، وَتَحَرِّيهِ كَالسُّفْيَانَيْنِ، مَنْ أَكْثَرَ مِنْهُ غَيْرَ مُتَقَيِّدٍ بِالثِّقَاتِ، مَنْ كَانَ أَكْثَرُ تَدْلِيسِهِ عَنِ الضُّعَفَاءِ وَالْمَجَاهِيلِ، مَنِ انْضَمَّ إِلَيْهِ ضَعْفٌ بِأَمْرٍ آخَرَ.
[تَدْلِيسُ الْمَتْنِ وَالْبِلَادِ]
[تَدْلِيسُ الْمَتْنِ وَالْبِلَادِ] ثُمَّ إِنَّ جَمِيعَ مَا تَقَدَّمَ تَدْلِيسُ الْإِسْنَادِ، وَأَمَّا تَدْلِيسُ الْمَتْنِ فَلَمْ يَذْكُرُوهُ، وَهُوَ الْمُدْرَجُ، وَتَعَمُّدُهُ حَرَامٌ، كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ، بَلْ فَسَّرَهُ الرُّويَانِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ بِتَحْرِيفِ الْكَلِمِ عَنْ مَوَاضِعِهِ، يَعْنِي بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، مِمَّا يُخِلُّ بِالْمَعْنَى، وَهُوَ حَرَامٌ أَيْضًا.
وَلَهُمْ أَيْضًا تَدْلِيسُ الْبِلَادِ، كَأَنْ يَقُولَ الْمِصْرِيُّ: حَدَّثَنَا فُلَانٌ بِالْعِرَاقِ، يُرِيدُ مَوْضِعًا بِأَخْمِيمَ، أَوْ بِزُبَيْدٍ، يُرِيدَ مَوْضِعًا بِقُوصَ، أَوْ بِزُقَاقِ حَلَبَ، يُرِيدُ مَوْضِعًا بِالْقَاهِرَةِ، أَوْ بِالْأَنْدَلُسِ، يُرِيدُ مَوْضِعًا بِالْقَرَافَةِ، أَوْ بِمَا وَرَاءَ النَّهْرِ، مُوهِمًا دِجْلَةَ، وَهُوَ أَخَفُّ مِنْ غَيْرِهِ، لَكِنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ كَرَاهَةٍ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ; لِإِيهَامِهِ الْكَذِبَ بِالرِّحْلَةِ، وَالتَّشَبُّعِ بِمَا لَمْ يُعْطَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute