وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ سَبَبِ نُزُولٍ ; كَقَوْلِ جَابِرٍ: كَانَتِ الْيَهُودُ تَقُولُ: مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ مِنْ دُبُرِهَا فِي قُبُلِهَا، جَاءَ الْوَلَدُ أَحْوَلَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ) الْآيَةَ.
عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: إِنَّهُ يَكْفِي فِي تَسْوِيغِ الْأَخْبَارِ بِالسَّبَبِ الْبِنَاءُ عَلَى ظَاهِرِ الْحَالِ ; كَمَا لَوْ سَمِعَ مِنَ الْكُفَّارِ كَلَامًا، ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى مَا يُنَاقِضُهُ ; إِذِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ نَزَلَ رَدًّا عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إِلَى أَنْ يَقُولَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: هَذَا أُنْزِلَ لِسَبَبِ كَذَا، فَقَدْ وَقَعَ الْإِخْبَارُ عَنْهُمْ بِالْكَثِيرِ بِنَاءً عَلَى ظَاهِرِ الْحَالِ.
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الزُّبَيْرِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي قِصَّةِ الَّذِي خَاصَمَهُ فِي شِرَاجِ الْحَرَّةِ: إِنِّي لَأَحْسَبُ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النِّسَاءِ: ٦٥] وَهُوَ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الرِّوَايَاتِ: جَزَمَ الزُّبَيْرُ بِذَلِكَ، فَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ، وَأَنَّهُ كَانَ لَا يَجْزِمُ بِهِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَطَرَقَهُ الِاحْتِمَالُ.
وَأَمَّا التَّقْيِيدُ فِي قَائِلٍ مَا لَا مَجَالَ لِلرَّأْيِ فِيهِ بِكَوْنِهِ مِمَّنْ لَمْ يُعْرَفْ بِالنَّظَرِ فِي الْكُتُبِ الْقَدِيمَةِ - فَسَيَأْتِي فِي سَادِسِ الْفُرُوعِ.
[الْفَرْعُ الرَّابِعُ قول التَّابِعِيُّ فَمَنْ دُونَهُ بَعْدَ ذِكْرِ الصَّحَابِيِّ يَرْفَعُهُ أو يَبْلُغُ بِهْ أو يَنْمِيهِ]
[الْفَرْعُ الرَّابِعُ] (وَ) الْفَرْعُ الرَّابِعُ، وَأُخِّرَ لِصُدُورِ أَلْفَاظِهِ مِمَّنْ دُونَ الصَّحَابِيِّ (قَوْلُهُمْ) أَيِ: التَّابِعِيُّ فَمَنْ دُونَهُ بَعْدَ ذِكْرِ الصَّحَابِيِّ (يَرْفَعُهُ) أَوْ رَفَعَهُ أَوْ مَرْفُوعًا ; كَحَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «الشِّفَاءُ فِي ثَلَاثٍ: شَرْبَةِ عَسَلٍ، وَشَرْطَةِ مِحْجَمٍ، وَكَيَّةِ نَارٍ، وَأَنْهَى أُمَّتِي عَنِ الْكَيِّ» رَفَعَ الْحَدِيثَ.
وَكَذَا قَوْلُهُمْ: (يَبْلُغُ بِهْ) أَوْ (رِوِايَةً) أَوْ (يَرْوِيهِ) ; كَحَدِيثِ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغْ بِهِ: «النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ» وَبِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رِوَايَةَ «تُقَاتِلُونَ قَوْمًا صِغَارَ الْأَعْيُنِ» ، وَكَحَدِيثِ سُفْيَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute