مَا سَمِعُوهُ وَبَيْنَ مَا دَلَّسُوهُ ".
[قُلْتُ: وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي مَنَاقِبِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ لِلْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ طَلْحَةَ بْنِ نَافِعٍ عَنْ جَابِرٍ بِالْعَنْعَنَةِ، ثُمَّ أَرْدَفَهُ بِرِوَايَةِ الْأَعْمَشِ لَهُ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ جَابِرٍ ; لِتَتَقَوَّى بِهَا الرِّوَايَةُ الْأُولَى] .
وَكَذَا يُسْتَثْنَى مِنَ الْخِلَافِ مَنْ أَكْثَرَ التَّدْلِيسَ عَنِ الضُّعَفَاءِ وَالْمَجَاهِيلِ ; كَبَقِيَّةَ بْنِ الْوَلِيدِ ; لِاتِّفَاقِهِمْ - كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا - عَلَى أَنَّهُ لَا يُحْتَجُّ بِشَيْءٍ مِنْ حَدِيثِهِمْ إِلَّا بِمَا صَرَّحُوا بِالسَّمَاعِ فِيهِ، أَوْ مَنْ ضَعُفَ بِأَمْرٍ آخَرَ سِوَى التَّدْلِيسِ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ حَدِيثُهُمْ مَرْدُودٌ جَزْمًا، وَلَوْ صَرَّحُوا بِالسَّمَاعِ إِلَّا إِنْ تُوبِعُوا، وَلَوْ كَانَ الضَّعْفُ يَسِيرًا كَابْنِ لَهِيعَةَ.
[حُكْمُ التَّدْلِيسِ]
[حُكْمُ التَّدْلِيسِ] : وَأَمَّا حُكْمُهُ: فَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ لَا يَرَوْنَ بِالتَّدْلِيسِ بَأْسًا، يَعْنِي وَهُمُ الْفَاعِلُونَ لَهُ أَوْ مُعْظَمُهُمْ، (وَذَمَّهُ) - أَيْ: أَصْلَ التَّدْلِيسِ لَا خُصُوصَ هَذَا الْقِسْمِ - (شُعْبَةُ) بْنُ الْحَجَّاجِ (ذُو الرُّسُوخِ) فِي الْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ ; بِحَيْثُ لُقِّبَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْحَدِيثِ، فَرَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: التَّدْلِيسُ أَخُو الْكَذِبِ، وَقَالَ غُنْدَرٌ عَنْهُ: إِنَّهُ أَشَدُّ مِنَ الزِّنَا ; وَلَأَنْ أَسْقُطَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُدَلِّسَ.
وَقَالَ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ عَنْهُ: لَأَنْ أَخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقُولَ: زَعَمَ فُلَانٌ، وَلَمْ أَسْمَعْ ذَلِكَ الْحَدِيثَ مِنْهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute