كَوْنِ الْخَطِيبِ يَرَى سَمَاعَهُ مِنْهُ بَعِيدٌ، لَا سِيَّمَا وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ فِي التَّابِعِينَ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي (شَرْحِ مُسْلِمٍ) : إِنَّهُ لَيْسَ بِتَابِعِيٍّ، وَلَكِنَّهُ مِنْ أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ. ثُمَّ إِنَّهُ قَدْ يُسْتَأْنَسُ لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( «طُوبَى لِمَنْ رَآنِي وَآمَنَ بِي، وَطُوبَى لِمَنْ رَأَى مَنْ رَآنِي» ) ; حَيْثُ اكْتَفَى فِيهِمَا بِمُجَرَّدِ الرُّؤْيَةِ، وَإِذْ قَدْ بَانَ تَعْرِيفُهُ فَمُطْلَقُهُ يَنْصَرِفُ إِلَيْهِ، وَإِنْ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: إِنَّهُ مُقَيَّدٌ بِالتَّابِعِ بِإِحْسَانٍ.
[مَرَاتِبُ التَّابِعِينَ]
[مَرَاتِبُ التَّابِعِينَ] الثَّانِيَةُ: فِي تَفَاوُتِهِمْ بِأَنَّ فِيهِمُ الْقَدِيمَ الْمُلَاقِيَ لِقُدَمَاءِ الْمُهَاجِرِينَ، أَوِ الْمُدْرِكَ لِلزَّمَنِ النَّبَوِيِّ أَوْ لِلْجَاهِلِيَّةِ، وَالْمُخْتَصَّ بِمَزِيدِ الْفَضِيلَةِ عَنْ سَائِرِهِمْ، وَبِالْعَدَالَةِ، وَبِرِوَايَةِ الصَّحَابَةِ عَنْهُمْ، وَالْمُتَصَدِّيَ لِلْفَتْوَى، وَإِنِ اشْتَرَكُوا فِي الِاسْمِ.
(وَهُمْ) لِتَفَاوُتِهِمْ (طِبَاقٌ) . قِيلَ: ثَلَاثٌ، كَمَا فِي (الطَّبَقَاتِ) لِمُسْلِمٍ وَابْنِ سَعْدٍ، وَرُبَّمَا بَلَغَ بِهَا أَرْبَعًا. (وَقِيلَ) كَمَا لِلْحَاكِمِ فِي (عُلُومِ الْحَدِيثِ) : (خَمْسَ عَشِرَهْ) بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ كَمَا كَتَبَهُ النَّاظِمُ بِخَطِّهِ مَشْيًا عَلَى لُغَةِ تَمِيمٍ ; لِيَكُونَ مُغَايِرًا مَعَ آخِرِ الْبَيْتِ، وَلَمْ يُفَصِّلِ الْحَاكِمُ الطِّبَاقَ كُلَّهَا. نَعَمْ، أَشْعَرَ تَصَرُّفُهُ بِأَنَّ كُلَّ مَنْ لَقِيَ مَنْ تَقَدَّمَ كَانَ مِنَ الطَّبَقَةِ الْأُولَى، ثُمَّ هَكَذَا إِلَى آخِرِهَا ; بِحَيْثُ يَكُونُ آخِرُهَا سُلَيْمَانُ بْنُ نَافِعٍ إِنْ صَحَّ أَنَّ وَالِدَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَزِيَادُ بْنُ طَارِقٍ الرَّاوِي عَنْ زُهَيْرِ بْنِ صُرَدٍ، وَنَحْوُهُمَا ; كَخَلَفِ بْنِ خَلِيفَةَ الْمُتَوَفَّى - كَمَا سَلَفَ قَرِيبًا - فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، وَأَنَّهُ آخِرُ التَّابِعِينَ مَوْتًا. وَحِينَئِذٍ (فَأَوَّلُهُمْ رُوَاةُ كُلِّ الْعَشَرَهْ) الْمَشْهُودِ لَهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute