أُمِرَ بِتَبْلِيغِهِ إِلَى غَيْرِهِ فَهُوَ رَسُولٌ، وَإِلَّا فَهُوَ نَبِيٌّ غَيْرُ رَسُولٍ.
وَحِينَئِذٍ فَالنَّبِيُّ وَالرَّسُولُ اشْتَرَكَا فِي أَمْرٍ عَامٍّ وَهُوَ النَّبَأُ، وَافْتَرَقَا فِي الرِّسَالَةِ، فَإِذَا قُلْتَ: فُلَانٌ رَسُولٌ. تَضَمَّنَ أَنَّهُ نَبِيٌّ رَسُولٌ، وَإِذَا قُلْتَ: فُلَانٌ نَبِيٌّ. لَمْ يَسْتَلْزِمْ أَنَّهُ رَسُولٌ.
وَلَكِنْ قَدْ نَازَعَ ابْنُ الْجَزَرِيِّ فِي قَوْلِهِمْ: كُلُّ رَسُولٍ نَبِيٌّ. حَيْثُ قَالَ: هُوَ كَلَامٌ يُطْلِقُهُ مَنْ لَا تَحْقِيقَ عِنْدَهُ، فَإِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَغَيْرَهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ الْمُكْرَمِينَ بِالرِّسَالَةِ رُسُلٌ لَا أَنْبِيَاءُ. قُلْتُ: وَلِذَا قَيَّدَ الْفَرْقَ بَيْنَ الرَّسُولِ وَالنَّبِيِّ بِالرَّسُولِ الْبَشَرِيِّ.
وَحَدِيثُ الْبَرَاءِ فِي تَعَلُّمِ مَا يُقَالُ عِنْدَ النَّوْمِ، إِذْ رَدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ إِبْدَالَهُ لَفْظَ " النَّبِيِّ " بِـ " الرَّسُولِ "، فَقَالَ: (لَا، وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ) يَمْنَعُ الْقَوْلَ بِجَوَازِ تَغْيِيرِ " النَّبِيِّ " خَاصَّةً، بَلِ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ لِمُجَرَّدِ الْمَنْعِ مَمْنُوعٌ بِأَنَّ أَلْفَاظَ الْأَذْكَارِ تَوْقِيفِيَّةٌ، فَلَا يَدْخُلُهَا الْقِيَاسُ، بَلْ تَجِبُ الْمُحَافَظَةُ عَلَى اللَّفْظِ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الرِّوَايَةُ، إِذْ رُبَّمَا كَانَ فِيهِ خَاصِّيَّةٌ وَسِرٌّ لَا يَحْصُلُ بِغَيْرِهِ، أَوْ لَعَلَّهُ أَرَادَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْوَصْفَيْنِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ.
وَلَا شَكَّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، فَهُوَ إِذَنْ أَكْمَلُ فَائِدَةً، وَذَلِكَ يَفُوتُ بِقَوْلِهِ: (وَبِرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ) . وَأَيْضًا فَالْبَلَاغَةُ مُقْتَضِيَةٌ لِذَلِكَ لِعَدَمِ تَكْرِيرِ اللَّفْظِ لِوَصْفٍ وَاحِدٍ فِيهِ. زَادَ بَعْضُهُمْ: أَوْ لِاخْتِلَافِ الْمَعْنَى ; لِأَنَّ (بِرَسُولِكَ) يُدْخِلُ جِبْرِيلَ وَغَيْرَهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ.
[السَّمَاعُ عَلَى نَوْعٍ مِنَ الْوَهْنِ أَوْ عَنْ رَجُلَيْنِ]
(٦٧٨) ثُمَّ عَلَى السَّامِعِ بِالْمُذَاكَرَهْ ... بَيَانُهُ كَنَوْعِ وَهْنٍ خَامَرَهْ
(٦٧٩) وَالْمَتْنُ عَنْ شَخْصَيْنِ وَاحِدٌ جُرِحْ ... لَا يَحْسُنُ الْحَذْفُ لَهُ لَكِنْ يَصِحْ
(٦٨٠) وَمُسْلِمٌ عَنْهُ كَنَى فَلَمْ يُوَفْ ... وَالْحَذْفُ حَيْثُ وُثِّقَا فَهْوَ أَخَفْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute